( 2238 ) مسألة : قال : ( فمن فرط فيه حتى توفي ، أخرج عنه من جميع ماله حجة وعمرة ) وجملة ذلك أن
من وجب عليه الحج ، وأمكنه فعله ، وجب عليه على الفور ، ولم يجز له تأخيره . وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يجب الحج وجوبا موسعا ، وله تأخيره ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر
أبا بكر على الحج ، وتخلف
بالمدينة ، لا محاربا ، ولا مشغولا بشيء ، وتخلف أكثر الناس قادرين على الحج ، ولأنه إذا أخره ثم فعله في السنة الأخرى لم يكن قاضيا له ، دل على أن وجوبه على التراخي .
ولنا ، قول الله تعالى : {
ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } . وقوله : {
وأتموا الحج والعمرة لله } . والأمر على الفور . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35465من أراد الحج فليتعجل } . رواه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه . وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23791فإنه قد يمرض المريض ، وتضل الضالة ، وتعرض الحاجة } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع ، عن
أبي إسرائيل ، عن
فضيل بن عمرو ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن أخيه
الفضل ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37441من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ، ولم يحج ، فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا } . قال
الترمذي : لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وفي إسناده مقال . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، بإسناده عن
عبد الرحمن بن سابط ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37393من مات ، ولم يحج حجة الإسلام ، لم يمنعه مرض حابس ، أو سلطان جائر ، أو حاجة ظاهرة ، فليمت على أي حال شاء ، يهوديا ، أو نصرانيا } . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر نحوه من قوله .
وكذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس رضي الله عنهم . ولأنه أحد أركان الإسلام ، فكان واجبا على الفور ، كالصيام . ولأن وجوبه بصفة التوسع يخرجه عن رتبة الواجبات ، لأنه يؤخر إلى غير غاية ولا يأثم بالموت قبل فعله ، لكونه فعل ما يجوز له فعله ، وليس على الموت أمارة يقدر بعدها على فعله . فأما النبي صلى الله عليه وسلم فإنما فتح
مكة سنة ثمان ، وإنما أخره سنة تسع ، فيحتمل أنه كان له عذر ، من عدم الاستطاعة ، أو كره رؤية المشركين عراة حول البيت ، فأخر الحج حتى بعث
أبا بكر ينادي : أن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31357لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان } .
ويحتمل أنه أخره بأمر الله تعالى لتكون حجته حجة الوداع في السنة التي استدار فيها الزمان كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ويصادف وقفة الجمعة ، ويكمل الله دينه . ويقال : إنه اجتمع يومئذ أعياد أهل كل دين ، ولم يجتمع قبله ولا بعده . فأما تسمية فعل الحج قضاء ، فإنه يسمى
[ ص: 101 ] بذلك ، قال الله تعالى : {
ثم ليقضوا تفثهم } ، وعلى أنه لا يلزم من الوجوب على الفور تسمية القضاء ; فإن الزكاة تجب على الفور ، ولو أخرها لا تسمى قضاء ، والقضاء الواجب على الفور إذا أخره لا يسمى قضاء القضاء ، ولو غلب على ظنه في الحج أنه لا يعيش إلى سنة أخرى ، لم يجز له تأخيره ، فلو أخره لا يسمى قضاء .
إذا ثبت هذا عدنا إلى شرح مسألة الكتاب ، فنقول : متى
توفي من وجب عليه الحج ولم يحج ، وجب أن يخرج عنه من جميع ماله ما يحج به عنه ويعتمر ، سواء فاته بتفريط أو بغير تفريط . وبهذا قال
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك : يسقط ; بالموت ; فإن وصى بها فهي من الثلث . وبهذا قال
الشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي لأنه عبادة بدنية فتسقط بالموت ، كالصلاة .
ولنا ، ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17943أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها ، مات ولم يحج ؟ قال : حجي عن أبيك } وعنه ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4755أن امرأة نذرت أن تحج ، فماتت ، فأتى أخوها النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك ؟ فقال : أرأيت لو كان على أختك دين ، أما كنت قاضيه ؟ قال : نعم . قال : فاقضوا دين الله ، فهو أحق بالقضاء } . رواهما
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي . وروى هذا
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11937أبي بشر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . ولأنه حق استقر عليه تدخله النيابة ، فلم يسقط بالموت كالدين . ويخرج عليه الصلاة ، فإنها لا تدخلها النيابة ، والعمرة كالحج في القضاء ، فإنها واجبة ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم
أبا رزين أن يحج عن أبيه ويعتمر ، ويكون ما يحج به ويعتمر من جميع ماله ; لأنه دين مستقر ، فكان من جميع المال ، كدين الآدمي .