صفحة جزء
( 2364 ) مسألة : قال : ( ولا يدهن بما فيه طيب ، وما لا طيب فيه ) أما المطيب من الأدهان ، كدهن الورد والبنفسج والزنبق والخيري واللينوفر ، فليس في تحريم الادهان به خلاف في المذهب . وهو قول الأوزاعي . وكره مالك ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي ، الادهان بدهن البنفسج .

وقال الشافعي : ليس بطيب . ولنا ، أنه يتخذ للطيب ، وتقصد رائحته ، فكان طيبا ، كماء الورد . فأما ما لا طيب فيه ، كالزيت والشيرج والسمن والشحم ودهن البان الساذج ، فنقل الأثرم ، قال : سمعت أبا عبد الله يسأل عن المحرم يدهن بالزيت والشيرج ؟ فقال : نعم ، يدهن به إذا احتاج إليه . ويتداوى المحرم بما يأكل . قال ابن المنذر : أجمع عوام أهل العلم ، على أن للمحرم أن يدهن بدنه بالشحم والزيت والسمن .

ونقل الأثرم جواز ذلك عن ابن عباس ، وأبي ذر ، والأسود بن يزيد ، وعطاء ، والضحاك ، وغيرهم . ونقل أبو داود ، عن أحمد ، أنه قال : الزيت الذي يؤكل لا يدهن المحرم به رأسه . فظاهر هذا ، أنه لا يدهن رأسه بشيء من الأدهان . وهو قول عطاء ، ومالك ، والشافعي ، وأبي ثور ، وأصحاب الرأي ; لأنه يزيل الشعث ، ويسكن الشعر .

فأما دهن سائر البدن ، فلا نعلم عن أحمد فيه منعا . وقد ذكرنا إجماع أهل العلم على إباحته في اليدين ، وإنما الكراهة في الرأس خاصة ; لأنه محل الشعر .

وقال القاضي : في إباحته في جميع البدن روايتان ; فإن فعله فلا فدية فيه ، في ظاهر كلام أحمد ، سواء دهن رأسه أو غيره ، إلا أن يكون [ ص: 152 ] مطيبا .

وقد روي عن ابن عمر أنه صدع وهو محرم ، فقالوا : ألا ندهنك بالسمن ؟ قال : لا . قالوا : أليس تأكله ؟ قال : ليس أكله كالادهان به . وعن مجاهد ، قال : إن تداوى به فعليه الكفارة .

وقال الذين منعوا من دهن الرأس : فيه الفدية ; لأنه مزيل للشعث ، أشبه ما لو كان مطيبا . ولنا ، أن وجوب الفدية يحتاج إلى دليل ، ولا دليل فيه من نص ولا إجماع ، ولا يصح قياسه على الطيب ، فإن الطيب يوجب الفدية ، وإن لم يزل شعثا ، ويستوي فيه الرأس وغيره ، والدهن بخلافه ، ولأنه مائع لا تجب الفدية باستعماله في اليدين ، فلم تجب باستعماله في الرأس ، كالماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية