صفحة جزء
( 2515 ) فصل : وقت الوقوف من طلوع الفجر يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر . ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في أن آخر الوقت طلوع فجر يوم النحر . قال جابر : { لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر من ليلة جمع } . قال أبو الزبير : فقلت له : أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ؟ قال : نعم . رواه الأثرم .

وأما أوله فمن طلوع الفجر يوم عرفة ، فمن أدرك عرفة في شيء من هذا الوقت وهو عاقل ، فقد تم حجه . وقال مالك ، والشافعي : أول وقته زوال الشمس من يوم عرفة . واختاره أبو حفص العكبري . وحمل عليه كلام الخرقي . وحكى ابن عبد البر ذلك إجماعا . وظاهر كلام الخرقي ما قلناه ، فإنه قال : ( لو وقف بعرفة نهارا ودفع قبل الإمام فعليه دم ) .

ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { من شهد صلاتنا هذه ، ووقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف بعرفة ، قبل ذلك ليلا أو نهارا ، فقد تم حجه ، وقضى تفثه } ، ولأنه من يوم عرفة ، فكان وقتا للوقوف ، كبعد الزوال ، وترك الوقوف لا يمنع كونه وقتا للوقوف ، كبعد العشاء . وإنما وقفوا في وقت الفضيلة ، ولم يستوعبوا جميع وقت الوقوف .

( 2516 ) فصل : وكيفما حصل بعرفة ، وهو عاقل ، أجزأه ، قائما أو جالسا أو راكبا أو نائما .

وإن مر بها مجتازا ، فلم يعلم أنها عرفة ، أجزأه أيضا . وبه قال مالك ، والشافعي ، وأبو حنيفة . وقال أبو ثور : لا يجزئه ; لأنه لا يكون واقفا إلا بإرادة .

ولنا ، عموم قوله صلى الله عليه وسلم : { وقد أتى عرفات ، قبل ذلك ليلا أو نهارا } . ولأنه حصل بعرفة في زمن الوقوف وهو عاقل ، فأجزأه كما لو علم ، وإن وقف وهو مغمى عليه أو مجنون ، ولم يفق حتى خرج منها ، لم يجزئه . وهو قول الحسن ، والشافعي ، وأبي ثور ، وإسحاق ، وابن المنذر وقال عطاء في المغمى عليه : يجزئه . وهو قول مالك ، وأصحاب الرأي .

وقد توقف أحمد رحمه الله ، في هذه المسألة ، وقال : الحسن يقول بطل حجه ، وعطاء يرخص فيه . وذلك لأنه لا يعتبر له نية ولا طهارة . ويصح من النائم ، فصح من المغمى عليه ، كالمبيت بمزدلفة . ومن نصر الأول قال : ركنا من أركان الحج . فلم يصح من المغمى عليه ، كسائر أركانه . قال ابن عقيل : والسكران كالمغمى [ ص: 212 ] عليه ; لأنه زائل العقل بغير نوم ، فأشبة المغمى عليه ، وأما النائم فيجزئه الوقوف ; لأنه في حكم المستيقظ .

التالي السابق


الخدمات العلمية