( 2664 ) مسألة : قال : ( ومن قتل وهو محرم من صيد البر ، عامدا أو مخطئا ، فداه بنظيره من النعم ، إن كان المقتول دابة ) في هذه المسألة فصول ستة ( 2665 ) ; الفصل الأول ، في وجوب
الجزاء على المحرم بقتل الصيد في الجملة .
وأجمع أهل العلم على وجوبه ، ونص الله تعالى عليه بقوله {
: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم } . ولا نعلم أحدا خالف في الجزاء في قتل الصيد متعمدا ، إلا
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهدا ، قالا : إذا قتله متعمدا ذاكرا لإحرامه لا جزاء عليه ، وإن كان مخطئا أو ناسيا لإحرامه فعليه الجزاء .
وهذا خلاف النص ، فإن الله تعالى قال : {
ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم } . والذاكر لإحرامه متعمد ، وقال في سياق الآية {
: ليذوق وبال أمره } . والمخطئ والناسي لا عقوبة عليهما
. وقتل الصيد نوعان ، مباح ومحرم ، فالمحرم قتله ابتداء من غير سبب يبيح قتله ، ففيه الجزاء .
والمباح ثلاثة أنواع ; أحدها ، أن يضطر إلى أكله ، فيباح له ذلك بغير خلاف نعلمه ; فإن الله تعالى قال {
: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } . وترك الأكل مع القدرة عند الضرورة إلقاء بيده إلى التهلكة ، ومتى قتله ضمنه ، سواء وجد غيره أو لم يجد . وقال
الأوزاعي : لا يضمنه ; لأنه مباح ، أشبه صيد البحر .
[ ص: 266 ]
ولنا ، عموم الآية ، ولأنه قتل من غير معنى يحدث من الصيد يقتضي قتله ، فضمنه كغيره ، ولأنه أتلفه لدفع الأذى عنه لا لمعنى فيه ، أشبه حلق الشعر لأذى برأسه . النوع الثاني ، إذا صال عليه صيد فلم يقدر على دفعه إلا بقتله ، فله قتله ، ولا ضمان عليه . وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال
أبو بكر : عليه الجزاء . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ; لأنه قتله لحاجة نفسه ، أشبه قتله لحاجته إلى أكله .
ولنا ، أنه حيوان قتله لدفع شره ، فلم يضمنه ، كالآدمي الصائل ، ولأنه التحق بالمؤذيات طبعا ، فصار كالكلب العقور ، ولا فرق بين أن يخشى منه التلف أو يخشى منه مضرة ، كجرحه ، أو إتلاف ماله ، أو بعض حيواناته . النوع الثالث ، إذا خلص صيدا من سبع أو شبكة صياد ، أو أخذه ليخلص من رجله خيطا ، ونحوه فتلف بذلك ، فلا ضمان عليه . وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء . وقيل : عليه الضمان . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ; لعموم الآية ، ولأن غاية ما فيه أنه عدم القصد إلى قتله ، فأشبه قتل الخطأ .
ولنا ، أنه فعل أبيح لحاجة الحيوان ، فلم يضمن ما تلف به ، كما لو داوى ولي الصبي الصبي فمات بذلك ، وهذا ليس بمتعمد ، فلا تتناوله الآية .