صفحة جزء
( 2786 ) فصل : وإذا شرطا الخيار أبدا ، أو متى شئنا ، أو قال أحدهما : ولي الخيار . ولم يذكر مدته ، أو شرطاه إلى مدة مجهولة ، كقدوم زيد ، أو هبوب ريح ، أو نزول مطر ، أو مشاورة إنسان ، ونحو ذلك ، لم يصح في الصحيح من المذهب . وهذا اختيار القاضي ، وابن عقيل ، ومذهب الشافعي .

وعن أحمد ، أنه يصح ، وهما على خيارهما أبدا ، أو يقطعاه ، أو تنتهي مدته إن كان مشروطا إلى مدة . وهو قول ابن شبرمة ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { المسلمون على شروطهم } . وقال مالك يصح ، وتضرب لهما مدة يختبر المبيع في مثلها في العادة ; لأن ذلك مقدر في العادة ، فإذا أطلقا ، حمل عليه .

وقال أبو حنيفة : إن أسقطا الشرط قبل مضي الثلاث ، أو حذفا الزائد عليها وبينا مدته ، صح لأنهما حذفا المفسد قبل اتصاله بالعقد ، فوجب أن يصح ، كما لو لم يشرطاه . ولنا ، أنها مدة ملحقة بالعقد ، فلا تجوز مع الجهالة ، كالأجل . ولأن اشتراط الخيار أبدا يقتضي المنع من التصرف على الأبد ، وذلك ينافي مقتضى العقد ، فلم يصح ، كما لو قال : بعتك بشرط أن لا تتصرف . وقول مالك : إنه يرد إلى العادة . لا يصح ، فإنه لا عادة في الخيار يرجع إليها . واشتراطه مع الجهالة نادر .

وقول أبي حنيفة لا يصح ، فإن المفسد هو الشرط ، وهو مقترن بالعقد . ولأن العقد لا يخلو من أن يكون صحيحا ، أو فاسدا ، فإن كان صحيحا مع الشرط ، لم يفسد بوجود ما شرطاه فيه ، وإن كان فاسدا ، لم ينقلب صحيحا ، كما لو باع درهما بدرهمين ، ثم حذف أحدهما . وعلى قولنا : الشرط فاسد . هل يفسد به البيع ؟ على روايتين : إحداهما ، يفسد ، وهو مذهب الشافعي ; لأنه عقد قارنه شرط فاسد ، فأفسده ، كنكاح الشغار ، والمحلل . ولأن البائع إنما رضي ببذله بهذا الثمن ، مع الخيار في استرجاعه ، والمشتري إنما رضي ببذل هذا الثمن فيه ، مع الخيار في فسخه ، فلو صححناه لأزلنا ملك كل واحد منهما عنه بغير رضاه ، وألزمناه ما لم يرض به .

ولأن الشرط يأخذ قسطا من الثمن ، فإذا حذفناه وجب رد ما سقط من الثمن من أجله ، وذلك مجهول ، فيكون الثمن مجهولا ، فيفسد العقد . والثانية ، لا يفسد العقد به ، وهو قول ابن أبي ليلى ; لحديث بريرة . ولأن العقد قد تم بأركانه ، والشرط زائد ، فإذا فسد وزال ، سقط الفاسد ، وبقي العقد بركنيه ، كما لو لم يشترط .

التالي السابق


الخدمات العلمية