صفحة جزء
( 25 ) فصل : ولا فرق بين يسير النجاسة وكثيرها ، وسواء كان اليسير مما يدركه الطرف أو لا يدركه من جميع النجاسات ، إلا أن ما يعفى عن يسيره في الثوب ، كالدم ونحوه ، حكم الماء المتنجس به حكمه في العفو عن يسيره ، وكل نجاسة ينجس بها الماء يصير حكمه حكمها ; لأن نجاسة الماء ناشئة عن نجاسة الواقع ، وفرع عليها ، والفرع يثبت له حكم أصله .

وقيل عن الشافعي : إن ما لا يدركه الطرف من النجاسة معفو عنه ; للمشقة اللاحقة به . ونص في موضع على أن الذباب إذا وقع على خلاء رقيق ، أو بول ، ثم وقع على الثوب ، غسل موضعه ، ونجاسة الذباب مما لا يدركها الطرف ; ولأن دليل التنجيس لا يفرق بين يسير النجاسة وكثيرها ، ولا بين ما يدركه الطرف وما لا يدركه ، فالتفريق تحكم بغير دليل ، وما ذكروه من المشقة غير صحيح ; لأننا إنما نحكم بنجاسة ما علمنا وصول النجاسة إليه ، ومع العلم لا يفترقان في المشقة ، ثم إن المشقة حكمة لا يجوز تعليق الحكم بها بمجردها .

[ ص: 35 ] وجعل ما لا يدركه الطرف ضابطا لها غير صحيح ، فإن ذلك إنما يعرف بتوقيف ، أو اعتبار الشرع له في موضع ، ولم يوجد واحد منهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية