[ ص: 265 ] كتاب المفلس
المفلس هو الذي لا مال له ، ولا ما يدفع به حاجته ، ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=60301 : أتدرون من المفلس ؟ قالوا : يا رسول الله ، المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . قال : ليس ذلك المفلس ، ولكن المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال ، ويأتي وقد ظلم هذا ، ولطم هذا ، وأخذ من عرض هذا ، فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن بقي عليه شيء أخذ من سيئاتهم ، فرد عليه ، ثم صك له صك إلى النار } أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بمعناه فقولهم ذلك إخبار عن حقيقة المفلس ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم
" ليس ذلك المفلس " تجوز لم يرد به نفي الحقيقة ، بل أراد أن فلس الآخرة أشد وأعظم ; بحيث يصير مفلس الدنيا بالنسبة إليه كالغني . ونحو هذا قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=119053ليس الشديد بالصرعة ، ولكن الشديد الذي يغلب نفسه عند الغضب } وقوله : {
ليس السابق من سبق بعيره ، وإنما السابق من غفر له } وقوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33810ليس الغنى عن كثرة العرض ، إنما الغنى غنى النفس } ومنه قول الشاعر
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
وإنما سمي هذا مفلسا ; لأنه لا مال له إلا الفلوس ، وهي أدنى أنواع المال . والمفلس في عرف الفقهاء : من دينه أكثر من ماله ، وخرجه أكثر من دخله . وسموه مفلسا وإن كان ذا مال ; لأن ماله مستحق الصرف في جهة دينه ، فكأنه معدوم . وقد دل عليه تفسير النبي صلى الله عليه وسلم مفلس الآخرة ، فإنه أخبر أن له حسنات أمثال الجبال ، لكنها كانت دون ما عليه ، فقسمت بين الغرماء ، وبقي لا شيء له . ويجوز أن يكون سمي بذلك لما يئول إليه من عدم ماله بعد وفاء دينه ، ويجوز أن يكون سمي بذلك ، لأنه يمنع من التصرف في ماله ، إلا الشيء التافه الذي لا يعيش إلا به ، كالفلوس ونحوها .