صفحة جزء
( 3415 ) فصل : وإن جرح العبد أو شج ، فعلى قول أبي بكر : لا يرجع ; لأنه ذهب جزء ينقص به الثمن ، فأشبه ما لو فقئت عين العبد ; لأنه ذهب من العين جزء له بدل فمنع الرجوع ، كما لو قطعت يد العبد ، ولأنه لو نقص صفة مجردة ، لم يكن للبائع من الرجوع فيها شيء سواه ، كما ذكرنا في هزال العبد ، ونسيان الصنعة ، وهاهنا بخلافه ، ولأن الرجوع في المحل المنصوص عليه يقطع النزاع ، ويزيل المعاملة بينهما ، فلا يثبت في محل لا يحصل به هذا المقصود

وقال القاضي : قياس المذهب أن له الرجوع ; لأنه فقد صفة ، فأشبه نسيان الصنعة ، واستخلاق الثوب . فإذا رجع ، نظرنا في الجرح ، فإن كان مما لا أرش له ، كالحاصل بفعل الله تعالى ، أو فعل بهيمة ، أو جناية المفلس ، أو جناية عبده ، أو جناية العبد على نفسه ، فليس له مع الرجوع أرش . وإن كان الجرح موجبا لأرش كجناية الأجنبي ، فللبائع إذا رجع أن يضرب مع الغرماء بحصة ما نقص من الثمن ، فينظر كم نقص من قيمته ، فيرجع بقسط ذلك من الثمن ; لأنه مضمون على المشتري للبائع بالثمن

فإن قيل : فهلا جعلتم له الأرش الذي وجب على الأجنبي ; لأنه لو لم يجب به أرش لم يرجع بشيء ، فلا يجوز أن يرجع بأكثر من الأرش . قلنا : لما أتلفه الأجنبي ، صار مضمونا بإتلافه للمفلس ، فكان بالأرش له وهو مضمون على المفلس للبائع بالثمن ، فلا يجوز أن يضمنه بالأرش ، وإذا لم يتلفه أجنبي ، فلم يكن مضمونا ، فلم يجب بفواته شيء . فإن قيل : فهلا كان هذا الأرش للمشتري ككسبه ، لا يضمنه للبائع

قلنا : الكسب بدل منافعه ، ومنافعه مملوكة للمشتري بغير عوض ، وهذا بدل جزء من العين ، والعين جميعها مضمونة بالعوض ، فلهذا ضمن ذلك للمشتري .

التالي السابق


الخدمات العلمية