صفحة جزء
( 3519 ) فصل : ولا يجوز أن يشرع إلى طريق نافذ جناحا ; وهو الروشن يكون على أطراف خشبة مدفونة في الحائط ، وأطرافها خارجة في الطريق ، سواء كان ذلك يضر في العادة بالمارة أو لا يضر . ولا يجوز أن يجعل عليها . ساباطا بطريق الأولى ، وهو المستوفي لهواء الطريق كله على حائطين ، سواء كان الحائطان ملكه أو لم يكونا ، وسواء أذن الإمام في ذلك أو لم يأذن .

وقال ابن عقيل : إن لم يكن فيه ضرر جاز بإذن الإمام ; لأنه نائبهم ، فجرى إذنه مجرى إذن المشتركين في الدرب الذي ليس بنافد . وقال أبو حنيفة : يجوز من ذلك ما لا ضرر فيه ، وإن عارضه رجل من المسلمين وجب قلعه . وقال مالك ، والشافعي ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وأبو يوسف ، ومحمد : يجوز ذلك إذا لم يضر بالمارة ، ولا يملك أحد منعه ; لأنه ارتفق بما لم يتعين ملك أحد فيه من غير مضرة ، فكان جائزا ، كالمشي في الطريق والجلوس فيها . واختلفوا فيما لا يضر ، فقال بعضهم : إن كان في شارع تمر فيه الجيوش والأحمال ، فيكون بحيث إذا سار فيه الفارس ورمحه منصوب لا يبلغه .

وقال أكثرهم : لا يقدر بذلك ، بل يكون بحيث لا يضر بالعماريات والمحامل . ولنا ، أنه بناء في ملك غيره بغير إذنه ، فلم يجز ، كبناء الدكة أو بناء ذلك في درب غير نافذ بغير إذن أهله ، ويفارق المرور في الطريق ، فإنها جعلت لذلك ، ولا مضرة فيه ، والجلوس لا يدوم ، ولا يمكن التحرز منه ، ولا نسلم أنه لا مضرة فيه ، فإنه يظلم الطريق ، ويسد الضوء ، وربما سقط على المارة ، أو سقط منه شيء ، وقد تعلو الأرض بمرور الزمان ، فيصدم رءوس الناس ، ويمنع مرور الدواب بالأحمال ، ويقطع الطريق إلا على الماشي ، وقد رأينا مثل هذا كثيرا ، وما يفضي إلى الضرر في ثاني الحال ، يجب المنع منه في ابتدائه ، كما لو أراد بناء حائط مائل إلى الطريق يخشى وقوعه على من يمر فيها .

وعلى أبي حنيفة : أنه بناء في حق مشترك ، لو منع منه بعض أهله لم يجز ، فلم يجز بغير إذنهم ، كما لو أخرجه إلى هواء دار مشتركة ، وذلك لأن حق الآدمي لا يجوز لغيره التصرف فيه بغير إذنه ، وإن كان ساكنا ، كما لا يجوز إذا منع منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية