( 372 ) فصل :
إذا كان الجريح جنبا فهو مخير ، إن شاء قدم التيمم على الغسل ، وإن شاء أخره ، بخلاف ما إذا كان التيمم لعدم ما يكفيه لجميع أعضائه ، فإنه يلزمه استعمال الماء أولا ; لأن التيمم للعدم ، ولا يتحقق إلا بعد فراغ الماء ، وها هنا التيمم للعجز عن استعماله في الجريح ، وهو متحقق على كل حال ; ولأن الجريح يعلم أن التيمم بدل عن غسل الجرح ، والعادم لما يكفي جميع أعضائه لا يعلم القدر الذي يتيمم له إلا بعد استعمال الماء وفراغه ، فلزمه تقديم استعماله . وإن كان الجريح يتطهر للحدث الأصغر ، فذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أنه يلزمه الترتيب فيجعل التيمم في مكان الغسل الذي يتيمم بدلا عنه ، فإن كان الجرح في وجهه بحيث لا يمكنه غسل شيء منه ، لزمه التيمم أولا ، ثم يتيمم للوضوء . وإن كان في بعض وجهه خير بين غسل صحيح وجهه ثم تيمم ، وبين أن يتيمم ثم يغسل صحيح وجهه ويتمم وضوءه .
وإن كان الجرح في عضو آخر ، لزمه غسل ما قبله ، ثم كان فيه على ما ذكرنا في الوجه . وإن كان في وجهه ويديه ورجليه ، احتاج في كل عضو إلى تيمم في محل غسله ، ليحصل الترتيب . ولو
غسل صحيح وجهه ، ثم تيمم له وليديه تيمما واحدا ، لم يجزه ; لأنه يؤدي إلى سقوط الفرض عن جزء من الوجه
[ ص: 163 ] واليدين في حالة واحدة .
فإن قيل : يبطل هذا بالتيمم عن جملة الطهارة ، حيث يسقط الفرض عن جميع الأعضاء جملة واحدة . قلنا : إذا كان عن جملة الطهارة ، فالحكم له دونها ، وإن كان عن بعضها ، ناب عن ذلك البعض ، فاعتبر فيه ما يعتبر فيما ينوب عنه من الترتيب . ويحتمل أن لا يجب هذا الترتيب ; لأن التيمم طهارة مفردة ، فلا يجب الترتيب بينها وبين الطهارة الأخرى ، كما لو كان الجريح جنبا ; ولأنه تيمم عن الحدث الأصغر ، فلم يجب أن يتيمم عن كل عضو في موضع غسله ، كما لو تيمم عن جملة الوضوء ; ولأن في هذا حرجا وضررا ، فيندفع بقوله تعالى : {
وما جعل عليكم في الدين من حرج } . وحكى
الماوردي ، عن مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مثل هذا . وحكى
ابن الصباغ عنه مثل القول الأول .