( 3553 ) فصل : إذا
كانت بينهما عرصة حائط ، فاتفقا على قسمها طولا ، جاز ذلك ، سواء اتفقا على قسمها طولا أو عرضا ; لأنها ملكهما ، ولا تخرج عنهما . وإن اختلفا ، فطلب أحدهما قسمها طولا وهو أن يجعل له نصف الطول في جميع العرض ، وللآخر مثله ، فقال أصحابنا : يجبر الممتنع على القسمة . وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; لأن ذلك لا يضر . فإذا اقتسما اقترعا ، فكان لكل واحد منهما ما تخرج به القرعة ، فإن كان مبنيا فلا كلام ، وإن كان غير مبني ، كان لكل واحد منهما أن يبني في نصيبه ، وإن أحب أن يدخل بعض عرصته في داره فعل ، وإن أحب أن يزيد في حائطه من عرصته فعل .
ويحتمل أن لا يجبر على القسمة ; لأنها توجب اختصاص كل واحد منهما ببعض الحائط المقابل لملك شريكه ، وزوال ملك شريكه ، فيتضرر ; لأنه لا يقدر على حائط يستر ملكه ، وربما اختار أحدهما أن لا يبني حائطه ، فيبقى ملك كل واحد منهما مكشوفا ، أو يبنيه ويمنع جاره من وضع خشبه عليه ، وهذا ضرر لا يرد الشرع بالإجبار عليه . فإن قيل : فإذا كان مشتركا تمكن أيضا من منع شريكه وضع خشبه عليه . قلنا : إذا كان له عليه رسم وضع خشبه ، أو انتفاع به ، لم يملك منعه من رسمه ، وها هنا يملك منعه بالكلية .
وأما إن طلب قسمها عرضا ، وهو أن يجعل لكل واحد منهما نصف العرض في كمال الطول ، نظرنا ، فإن كانت العرصة لا تتسع لحائطين ، لم يجبر الممتنع من قسمها . واختار
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل أنه يجبر . وهو ظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; لأنها عرصة ، فأجبر على قسمها ، كعرصة الدار . ولنا ، أن في قسمها ضررا ، فلم يجبر الممتنع من قسمها عليه ، كالدار الصغيرة ، وما ذكروه ينتقض بذلك .
وإن كانت تتسع لحائطين ، بحيث يحصل لكل واحد منهما ما يبني فيه حائطا ، ففي إجبار الممتنع وجهان : أحدهما : يجبر . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب ; لأنه لا ضرر في القسمة ; لكون كل واحد منهما يحصل له ما يندفع به حاجته ، فأشبه عرصة الدار التي يحصل لكل واحد منهما ما يبني
[ ص: 335 ] فيه دارا . والثاني ، لا يجبر . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي ; لأن هذه القسمة لا تقع فيها قرعة ; لأننا لو أقرعنا بينهما ، لم نأمن أن تخرج قرعة كل واحد منهما على ما يلي ملك جاره ، فلا ينتفع به ، فلو أجبرناه على القسمة لأجبرناه على أخذ ما يلي داره من غير قرعة ، وهذا لا نظير له . ولأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجهان ، كهذين . ومتى اقتسما العرصة طولا ، فبنى كل واحد منهما لنفسه حائطا ، وبقيت بينهما فرجة ، لم يجبر أحدهما على سدها ، ولم يمنع من سدها ; لأن ذلك يجري مجرى بناء الحائط في عرصته .