صفحة جزء
( 3631 ) فصل : ولا يجوز أن يكون رأس مال الشركة مجهولا ، ولا جزافا ; لأنه لا بد من الرجوع به عند المفاصلة ، ولا يمكن مع الجهل والجزاف . ولا يجوز بمال غائب ، ولا دين ; لأنه لا يمكن التصرف فيه في الحال ، وهو مقصود الشركة .

( 3632 ) فصل : ولا يشترط لصحتها اتفاق المالين في الجنس ، بل يجوز أن يخرج أحدهما دراهم والآخر دنانير . نص عليه أحمد . وبه قال الحسن ، وابن سيرين وقال الشافعي : لا تصح الشركة إلا أن يتفقا في مال واحد ، بناء على أن خلط المالين شرط ، ولا يمكن إلا في المال الواحد . ونحن لا نشترط ذلك ، ولأنهما من جنس الأثمان ، فصحت الشركة فيهما ، كالجنس الواحد ، ومتى تفاصلا ، رجع هذا بدنانيره ، وهذا بدراهمه ، ثم اقتسما الفضل .

نص عليه أحمد ، فقال : يرجع هذا بدنانيره ، وهذا بدراهمه . وقال : كذا يقول محمد والحسن ، وقال القاضي : إذا أرادا المفاصلة ، قوما المتاع بنقد البلد ، وقوما مال الآخر به ، ويكون التقويم حين صرفا الثمن فيه . ولنا أن هذه شركة صحيحة ، رأس المال فيها الأثمان ، فيكون الرجوع بجنس رأس المال ، كما لو كان الجنس واحدا .

( 3633 ) فصل : ولا يشترط تساوي المالين في القدر . وبه قال الحسن ، والشعبي ، والنخعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . وقال بعض أصحاب الشافعي : يشترط ذلك . ولنا ، أنهما مالان من جنس الأثمان ، فجاز عقد الشركة عليهما ، كما لو تساويا .

( 3634 ) فصل : ولا يشترط اختلاط المالين ، إذا عيناهما وأحضراهما . وبهذا قال أبو حنيفة ومالك ، إلا أن مالكا شرط أن تكون أيديهما عليه ، بأن يجعلاه في حانوت لهما ، أو في يد وكيلهما .

وقال الشافعي : لا يصح حتى يخلطا المالين ; لأنهما إذا لم يخلطاهما فمال كل واحد منهما يتلف منه دون صاحبه ، أو يزيد له دون صاحبه ، فلم تنعقد الشركة ، كما لو كان من المكيل . ولنا ، أنه عقد يقصد به الربح ، فلم يشترط فيه خلط المال ، كالمضاربة ، ولأنه عقد على التصرف ، فلم يكن من شرطه الخلط كالوكالة . وعلى مالك ، فلم يكن من شرطه أن تكون أيديهما عليه ، كالوكالة .

وقولهم : إنه يتلف من مال صاحبه ، أو يزيد على ملك صاحبه . ممنوع ، بل ما يتلف من مالهما وزيادته لهما ; لأن الشركة اقتضت ثبوت الملك لكل واحد منهما في نصف مال صاحبه ، فيكون تلفه منهما ، وزيادته لهما . وقال أبو حنيفة : متى تلف أحد المالين ، فهو من ضمان صاحبه . ولنا ، أن الوضيعة والضمان أحد موجبي الشركة ، فتعلق بالشريكين ، كالربح ، وكما لو اختلطا .

التالي السابق


الخدمات العلمية