[ ص: 226 ] كتاب المساقاة المساقاة : أن يدفع الرجل شجره إلى آخر ، ليقوم بسقيه ، وعمل سائر ما يحتاج إليه ، بجزء معلوم له من ثمره . وإنما سميت مساقاة لأنها مفاعلة من السقي ; لأن أهل
الحجاز أكثر حاجة شجرهم إلى السقي ، لأنهم يستقون من الآبار ، فسميت بذلك . والأصل في جوازها السنة والإجماع ; أما السنة ، فما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر . رضي الله عنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21468عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج منها ، من ثمر أو زرع . حديث صحيح } ، متفق عليه
وأما الإجماع ، فقال
أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن آبائه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50413عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بالشطر ، ثم nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ، ثم أهلوهم إلى اليوم يعطون الثلث والربع . وهذا عمل به الخلفاء الراشدون في مدة خلافتهم } ، واشتهر ذلك ، فلم ينكره منكر ، فكان إجماعا . فإن قيل : لا نسلم أنه لم ينكره منكر ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر راوي حديث معاملة أهل
خيبر ، قد رجع عنه ، وقال : كنا نخابر أربعين سنة ، حتى حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38544أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة }
وهذا يمنع انعقاد الإجماع ، ويدل على نسخ حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، لرجوعه عن العمل به إلى حديث
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج . قلنا : لا يجوز حمل حديث
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع على ما يخالف الإجماع ، ولا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يعامل أهل
خيبر حتى مات ، ثم عمل به الخلفاء بعده ، ثم من بعدهم ، فكيف يتصور نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء يخالفه ؟ أم كيف يعمل بذلك في عصر الخلفاء ولم يخبرهم من سمع النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حاضر معهم ، وعالم بفعلهم ، فلم يخبرهم ، فلو صح خبر
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع لوجب حمله على ما يوافق السنة والإجماع
على أنه قد روي في تفسير خبر
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع عنه ما يدل على صحة قولنا ، فروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، بإسناده قال : كنا نكري الأرض بالناحية منها تسمى لسيد الأرض ، فربما يصاب ذلك وتسلم الأرض ، وربما تصاب الأرض ويسلم ذلك ، فنهينا ، فأما الذهب والورق فلم يكن يومئذ . وروي تفسيره أيضا بشيء غير هذا من أنواع الفساد ، وهو مضطرب جدا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله يسأل عن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج ، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزارعة فقال :
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع روي عنه في هذا ضروب . كأنه يريد أن اختلاف الروايات عنه يوهن حديثه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : إن أعلمهم يعني
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أخبرني ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عنه ، ولكن قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29605 : لأن يمنح أحدكم أخاه أرضه خير من أن يأخذ عليها خراجا معلوما } . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
وأنكر
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت حديث
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع عليه . فكيف يجوز نسخ أمر فعله النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات وهو يفعله ، ثم أجمع عليه خلفاؤه وأصحابه بعده ، بخبر لا يجوز العمل به ، ولو لم يخالفه غيره ، ورجوع
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر إليه يحتمل أنه رجع عن شيء من المعاملات الفاسدة التي فسرها رافع في حديثه
وأما غير
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فقد أنكر على
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع ، ولم يقبل حديثه ، وحمله على أنه غلط في روايته . والمعنى يدل على ذلك ; فإن كثيرا من أهل النخيل والشجر يعجزون عن عمارته وسقيه ، ولا يمكنهم الاستئجار عليه ، وكثير من الناس لا شجر لهم ، ويحتاجون إلى الثمر ، ففي
تجويز المساقاة دفع للحاجتين ، وتحصيل لمصلحة الفئتين ، فجاز ذلك ، كالمضاربة بالأثمان .