صفحة جزء
( 4188 ) فصل : يجوز الاستئجار لحفر الآبار والأنهار والقني ; لأنها منفعة معلومة ، يجوز أن يتطوع بها الرجل على غيره ، فجاز عقد الإجارة عليه ، كالخدمة . ولا بد من تقدير العمل بمدة ، أو عمل معين ، فإن قيده بمدة نحو أن يقول : استأجرتك شهرا ، لتحفر لي بئرا أو نهرا . لم يحتج إلى معرفة القدر وعليه أن يحفر ذلك الشهر ، قليلا حفر أو كثيرا . ويحتاج إلى معرفة الأرض التي يحفر فيها . وقال بعض أصحابنا : لا يحتاج إلى معرفتها ; لأن الغرض لا يختلف بذلك . والأول أولى إن شاء الله تعالى ; لأن الأرض قد تكون صلبة فيكون الحفر عليه شاقا ، وقد تكون سهلة ، فيسهل ذلك عليه

وإن قدره بالعمل ، فلا بد من معرفة الموضع بالمشاهدة ; لأن المواضع تختلف بالسهولة والصلابة ، ولا ينضبط ذلك بالصفة . ويعرف دور البئر ، وعمقها ، وطول النهر ، وعمقه ، وعرضه ; لأن العمل يختلف بذلك . فإذا حفر بئرا ، فعليه شيل التراب ; لأنه لا يمكنه الحفر إلا بذلك ، فقد تضمنه العقد . فإن تهور تراب من جانبيها ، أو سقطت فيه بهيمة أو نحو ذلك ، لم يلزمه شيله ، وكان على صاحب البئر ; لأنه سقط فيها من ملكه ، ولم يتضمن عقد الإجارة رفعه . وإن وصل إلى صخرة أو جماد يمنع الحفر ، لم يلزمه حفره

لأن ذلك مخالف لما شاهده من الأرض ، وإنما اعتبرت مشاهدة الأرض لأنها تختلف ، فإذا ظهر فيها ما يخالف المشاهدة ، كان له الخيار في الفسخ ، فإذا فسخ ، كان له من الأجر بحصة ما عمل فيقسط الأجر على ما بقي وما عمل ، فيقال : كم أجر ما عمل ؟ وكم أجر ما بقي ؟ ، ويقسط الأجر المسمى عليهما . ولا يجوز تقسيطه على عدد الأذرع ; لأن أعلى البئر يسهل نقل التراب منه ، وأسفله يشق ذلك فيه . وإن نبع ما يمنعه من الحفر ، فهو بمنزلة الصخرة على ما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية