( 4251 ) مسألة قال : ( وكذلك إن اكترى لحمولة شيء ، فزاد عليه ) وجملة ذلك أن من
اكترى لحمل شيء ، فزاد عليه ، مثل أن يكتريها لحمل قفيزين ، فحمل ثلاثة ، فحكمه حكم من اكترى إلى موضع فجاوزه ، في وجوب الأجر ، وأجر المثل لما زاد ، ولزوم الضمان إن تلفت . هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أن قول
أبي بكر في هذه المسألة وجوب أجر المثل في الجميع ، وأخذه من قوله في من
استأجر أرضا ليزرعها شعيرا ، فزرعها حنطة ، قال عليه أجر المثل للجميع ; لأنه عدل عن المعقود عليه إلى غيره
، فأشبه ما لو استأجر أرضا ، فزرع أخرى
فجمع
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي بين مسألة
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي ومسألة
أبي بكر ، وقال : ينقل قول كل واحد من إحدى المسألتين إلى الأخرى ، لتساويهما في أن الزيادة لا تتميز ، فيكون في المسألتين وجهان .
وليس الأمر كذلك ، فإن بين المسألتين فرقا ظاهرا ، فإن الذي حصل التعدي فيه في الحمل متميز عن المعقود عليه ، وهو القفيز الزائد ، بخلاف الزرع ، ولأنه في مسألة الحمل استوفى المنفعة المعقود عليها وزاد ، وفي الزرع لم يزرع ما وقع العقد عليه ، ولهذا علله
أبو بكر بأنه عدل عن المعقود عليه ، ولا يصح هذا القول في مسألة الحمل ، فإنه قد حمل المعقود عليه وزاد عليه ، بل إلحاق هذه المسألة بما إذا اكترى مسافة فزاد عليها أشد ، وشبهها بها أشد ، ولأنه في مسألة الحمل متعد بالزيادة وحدها ، وفي مسألة الزرع متعد بالزرع كله ، فأشبه الغاصب .
فأما مسألة الزرع فيما إذا اكترى أرضا ليزرع الشعير ، فزرع حنطة ، فقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، في رواية
عبد الله ، فقال : ينظر ما يدخل على الأرض من النقصان ما بين الحنطة والشعير ، فيعطي رب الأرض . فجعل هذه المسألة كمسألتي
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي ، في إيجاب المسمى وأجر المثل للزائد . ووجهه أنه لما عين الشعير ، لم يتعين ، ولم يتعلق العقد بعينه ، كما سبق ذكره ، ولهذا قلنا : له زرع مثله ، وما هو دونه في الضرر . فإذا زرع حنطة ، فقد استوفى حقه وزيادة ، أشبه ما لو اكتراها إلى
[ ص: 293 ] موضع فجاوزه
وقال
أبو بكر : له أجر المثل .
وعلله بأنه عدل عن المعقود عليه ، فإن الحنطة ليست شعيرا وزيادة . وإن قلنا : إنه قد استوفى المعقود عليه وزيادة ، غير أن الزيادة ليست متميزة عن المعقود عليه . بخلاف مسألتي
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : المكتري يخير بين أخذ الكراء وما نقصت الأرض عما ينقصها الشعير ، وبين أخذ كراء مثلها للجميع ; لأن هذه المسألة أخذت شبها من أصلين : أحدهما إذا ركب دابة فجاز بها المسافة المشروطة ; لكونه استوفى المعقود عليه وزيادة
والثاني إذا استأجر أرضا فزرع غيرها ; لأنه زرع متعديا ، فلهذا خيره بينهما ، ولأنه وجد سبب يقتضي كل واحد من الحكمين ، وتعذر الجمع بينهما ، فكان له أوفرهما
وفوض اختياره إلى المستحق ، كقتل العمد . ومن نصر
أبا بكر ، قال : هذا متعد بالزرع كله ، فكان عليه أجر المثل ، كالغاصب ، ولهذا يملك رب الأرض منعه من زرعه ، ويملك أخذه بنفقته إذا زرعه . ويفارق من زاد على حقه زيادة متميزة ، فإنه غير متعد بالجميع ، إنما تعدى بالزيادة وحدها ، ولهذا لا يملك المكري منعه من الجميع
ونظير هاتين المسألتين ، من
اكترى غرفة ليجعل فيها أقفزة حنطة ، فترك فيها أكثر منها ، ومن
اكتراها ليجعل فيها قنطارا من القطن ، فجعل فيها قنطارا من حديد ، ففي الأولى ، له المسمى وأجر الزيادة ، وفي الثانية يخرج فيها من الخلاف مثل ما قلنا في مسألة الزرع .
وحكم المستأجر الذي يزرع أضر مما اكترى له حكم الغاصب ، لرب الأرض منعه في الابتداء ، لما يلحقه من الضرر ، فإن زرع فرب الأرض مخير بين ترك الزرع بالأجر ، وبين أخذه ودفع النفقة ، وإن لم يعلم حتى أخذ المستأجر زرعه ، فله الأجرة لا غير ، على ما ذكرنا في باب الغصب .