( 4271 ) فصل : ويجوز
اكتراء الإبل والدواب للحمولة ، قال الله تعالى : {
وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس } . والحمولة بالضم : الأحمال . والحمولة بالفتح : التي يحمل عليها . قال الله تعالى : {
ومن الأنعام حمولة وفرشا } الحمولة : الكبار . والفرش : الصغار . وقيل الحمولة : الإبل . والفرش : الغنم ; لأنها لا تحمل ،
ولا يحتاج إلى معرفة الحمولة ; لأن الغرض حمل المتاع ، دون ما يحمله ، بخلاف الركوب ، فإن للراكب غرضا في المركوب ، من سهولته وحاله وسرعته . وإن اتفق وجود غرض في الحمولة ، مثل أن يكون المحمول شيئا يضره كثرة الحركة ، كالفاكهة والزجاج ، أو كون الطريق مما يعسر على بعضها دون بعض ، فينبغي أن يذكر في الإجارة . وأما الأحمال ، فلا بد من معرفتها ، فإن لم يعرفها ، لم يجز ; لأن ذلك يتفاوت كثيرا ، ويختلف الغرض به
فإن شرط أن تحمل ما شاء ، بطل ; لأن ذلك لا يمكن الوفاء به ، ويدخل فيه ما يقتل البهيمة . وإن قال : احتمل عليها طاقتها . لم يجز أيضا ; لأن ذلك لا ضابط له . وتحصل المعرفة بطريقين : المشاهدة ; لأنها من أعلى طرق العلم ، والصفة . ويشترط في الصفة معرفة شيئين : القدر والجنس ; لأن الجنس يختلف تعب البهيمة باختلافه ، مع التساوي في القدر ، فإن القطن يضر بها من وجه ، وهو أنه ينتفخ
[ ص: 303 ] على البهيمة .
فيدخل فيه الريح فيثقل ، ومثله من الحديد يؤذي من جهة أخرى ، وهو أنه يجتمع على موضع من البهيمة ، فربما عقرها ، فلا بد من بيانه . وأما الظروف ، فإن دخلت في الوزن ، لم يحتج إلى ذكرها ، وإن لم توزن ، فإن كانت ظروفا معروفة ، لا تختلف ، كغرائر الصوف والشعر ونحوها ، جاز العقد عليها من غير تعيين ; لأنها قلما تتفاوت تفاوتا كثيرا فتسميتها تكفي ، وإن كانت تختلف ، فلا بد من معرفتها بالتعيين أو الصفة . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل ، أنه
إذا قال : أكريتكها لتحمل عليها ثلاثمائة رطل مما شئت
جاز ، وملك ذلك ، لكن لا يحمله حملا يضر بالحيوان ، مثل ما لو أراد حمل حديد أو زئبق ، ينبغي أن يفرقه على ظهر الحيوان ، فلا يجتمع في موضع واحد من ظهره ، ولا يجعله في وعاء يتموج فيه ، فيكد البهيمة ويتعبها . وإن
اكترى ظهرا للحمل موصوفا بجنس ، فأراد حمله على غير ذلك الجنس ، وكان الطالب لذلك المستأجر ، لم يقبل منه ; لأنه لا يملك المطالبة بما لم يعقد عليه ، وإن طلبه المؤجر ، وكان يفوت به غرض للمستأجر ، مثل أن يكون غرضه الاستعجال في السير ، أو أن لا ينقطع عن القافلة ، فيتعين الخيل أو البغال ، أو يكون غرضه سكون الحمولة لكون الحمولة مما يضرها الهز ، أو قوتها وصبرها لطول الطريق وثقل الحمولة فيعين الإبل ، لم يجز العدول عنه ; لأنه يفوت غرض المستأجر ، فلم يجز ذلك ، كما في المركوب
وإن لم يفوت غرضا ، جاز ، كما يجوز لمن اكترى على حمل شيء حمل مثله ، أو أقل ضررا منه .