( 4348 ) فصل : في
القطائع ، وهي ضربان أحدهما إقطاع إرفاق ، وذلك
إقطاع مقاعد السوق ، والطرق الواسعة ، ورحاب المساجد ، التي ذكرنا أن للسابق إليها الجلوس فيها ، فللإمام إقطاعها لمن يجلس فيها ; لأن له في ذلك اجتهادا ، من حيث إنه لا يجوز الجلوس إلا فيما لا يضر بالمارة ، فكان للإمام أن يجلس فيها من لا يرى أنه يتضرر بجلوسه . ولا يملكها المقطع بذلك ، بل يكون أحق بالجلوس فيها من غيره ، بمنزلة السابق إليها من غير إقطاع
سواء ، إلا في شيء واحد ، وهو أن السابق إذا نقل متاعه عنها ، فلغيره الجلوس فيها ; لأن استحقاقه لها بسبقه إليها ، ومقامه فيها ، فإذا انتقل عنها ، زال استحقاقه ، لزوال المعنى الذي استحق به ، وهذا استحق بإقطاع الإمام ، فلا يزول حقه بنقل متاعه ، ولا لغيره الجلوس فيه ، وحكمه في التظليل على نفسه بما ليس بناء ، ومنعه من البناء ، ومنعه إذا طال مقامه ، حكم السابق ، على ما أسلفناه
. الثاني إقطاع موات من الأرض لمن يحييها
، فيجوز ذلك ; لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=101وائل بن حجر ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39610أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضا ، فأرسل nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية أن أعطه إياه ، أو أعلمه إياه . } حديث صحيح
وأقطع
بلال بن الحارث المزني ،
وأبيض بن حمال المأربي ، وأقطع
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير حضر فرسه ، فأجرى فرسه حتى قام ورمى بسوطه ، فقال : " أعطوه من حيث وقع السوط " . رواه
سعيد ،
وأبو داود .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18830دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار ليقطع لهم [ ص: 337 ] بالبحرين . فقالوا : يا رسول الله : إن فعلت ، فاكتب لإخواننا من قريش بمثلها } . وروي أن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر أقطع
nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله أرضا ، وأن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان أقطع خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ;
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=37وسعدا ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=211وخباب بن الأرت . ويروى عن
نافع أبي عبد الله ، أنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر : إن قبلنا أرضا
بالبصرة ، ليست من أرض الخراج ، ولا تضر بأحد من المسلمين ، فإن رأيت أن تقطعنيها أتخذ فيها قصيلا لخيلي ، فافعل . قال : فكتب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلى
أبي موسى : إن كانت كما يقول ، فأقطعها إياه روى هذه الآثار كلها
أبو عبيد ، في " الأموال " .
وروى
سعيد ، عن
سفيان ، عن
أبي نجيح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، {
أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع ناسا من جهينة أو مزينة أرضا } . إذا ثبت هذا ، فإن من أقطعه الإمام شيئا من الموات ، لم يملكه بذلك ، لكن يصير أحق به ، كالمتحجر للشارع في الإحياء ، بدليل ما ذكرنا من حديث
بلال بن الحارث ، حيث استرجع
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر منه ما عجز عن إحيائه من
العقيق ، الذي أقطعه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو ملكه لم يجز استرجاعه . ورد
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أيضا قطيعة
أبي بكر لعيينة بن حصن ، فسأل
عيينة nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر أن يجدد له كتابا فقال : والله لا أجدد شيئا رده
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رواه
أبو عبيد .
لكن المقطع يصير أحق به من سائر الناس ، وأولى بإحيائه ، فإن أحياه ، وإلا قال له السلطان : إن أحييته ، وإلا فارفع يدك عنه . كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لبلال بن الحارث المزني : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك لتحجبه دون الناس ، وإنما أقطعك لتعمر ، فخذ منها ما قدرت على عمارته ، ورد الباقي .
وإن طلب المهلة لعذر ، أمهل بقدر ذلك . وإن طلبها لغير عذر ، لم يمهل ، على ما ذكرنا في المتحجر
وإن
سبق غيره فأحياه قبل أن يقال له شيء ، أو في مدة المهلة ، فهل يملكه ؟ على وجهين وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، {
أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع ناسا من جهينة أو مزينة أرضا ، فعطلوها ، فجاء قوم فأحيوها ، فخاصمهم الذين أقطعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : لو كانت قطيعة مني ، أو من أبي بكر ، لم أردها ، ولكنها قطيعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا أردها } ، فدل هذا على أنها إذا كانت قطيعة من غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي لمن أحياها . والثاني ، لا يملكه ; لأنه تعلق به حق المقطع ، ومفهوم قوله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35355من أحيا أرضا ميتة في غير حق مسلم ، فهي له }
أنه إذا تعلق بها حق مسلم ، لم يجز إحياؤها . وقد ذكرنا الوجهين في المتحجر ، وهذا مثله . ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في هذا الفصل كنحو ما ذكرنا .