( 4481 ) مسألة قال :
( ولا يحل لواهب أن يرجع في هبته ، ولا لمهد أن يرجع في هديته ، وإن لم يثب عليها ) يعني وإن لم يعوض عنها . وأراد من عدا الأب ; لأنه قد ذكر أن للأب الرجوع ، بقوله : " أمر برده " . فأما غيره فليس له الرجوع في هبته ولا هديته . وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
وإسحاق ، وأصحاب الرأي : من وهب لغير ذي رحم فله الرجوع ، ما لم يثب عليها ، ومن وهب لذي رحم فليس له الرجوع . وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه واحتجوا بما روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14274الرجل أحق بهبته ، ما لم يثب منها } . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ، في " سننه "
وبقول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، ولأنه لم يحصل له عنها عوض ، فجاز له الرجوع فيها ، كالعارية . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14577 : العائد في هبته ، كالعائد في قيئه . وفي لفظ : كالكلب يعود في قيئه . وفي رواية إنه ليس لنا مثل السوء ، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه } . متفق عليه ، وأيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33934 : ليس لأحد أن يعطي عطية ، فيرجع فيها ، إلا الوالد فيما يعطي ولده } . وقد ذكرناه
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26031لا يرجع واهب في هبته ، إلا الوالد فيما يعطي ولده } . ولأنه واهب لا ولاية له في المال ، فلم يرجع في هبته ، كذي الرحم المحرم . وأحاديثنا أصح من حديثهم وأولى . وقول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، قد روي عن ابنه
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس خلافه . وأما العارية فإنما هي هبة المنافع ، ولم يحصل القبض فيها
فإن قبضها باستيفائها ، فنظير مسألتنا ما استوفى من منافع العارية ، فإنه لا يجوز الرجوع فيها .
( 4482 ) فصل : فحصل الاتفاق على أن
ما وهبه الإنسان لذوي رحمه المحرم غير ولده ، لا رجوع فيه . وكذلك ما وهب الزوج لامرأته . والخلاف فيما عدا هؤلاء ، فعندنا لا يرجع إلا الوالد ، وعندهم لا يرجع إلا الأجنبي . فأما هبة المرأة لزوجها ، فعن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فيه روايتان إحداهما لا رجوع لها فيها . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ،
[ ص: 398 ] nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وأصحاب الرأي
وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة . والثانية ، لها الرجوع . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد يسأل عن المرأة تهب ، ثم ترجع ، فرأيته يجعل النساء غير الرجال . ثم ذكر الحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12565 : إنما يرجع في المواهب النساء وشرار الأقوام } . وذكر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : إن النساء يعطين أزواجهن رغبة ورهبة ، فأيما امرأة أعطت زوجها شيئا ، ثم أرادت أن تعتصره ، فهي أحق به . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم بإسناده .
وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ،
والشعبي ، وحكاه
الزهري عن القضاة . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رواية أخرى ثالثة ، نقلها
أبو طالب ، إذا وهبت له مهرها ، فإن كان سألها ذلك ، رده إليها ، رضيت أو كرهت ; لأنها لا تهب إلا مخافة غضبه ، أو إضرار بها بأن يتزوج عليها . وإن لم يكن سألها ، وتبرعت به ، فهو جائز . فظاهر هذه الرواية ، أنه متى كانت مع الهبة قرينة ، من مسألته لها ، أو غضبه عليها ، أو ما يدل على خوفها منه ، فله الرجوع ; لأن شاهد الحال يدل على أنها لم تطب بها نفسها ، وإنما أباحه الله تعالى عند طيب نفسها ، بقوله تعالى : {
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا }
وظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي الرواية الأولى ، وهو اختيار
أبي بكر ; لقول الله تعالى : {
إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } . وقال تعالى : {
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا } . وعموم الأحاديث التي قدمناها .
( 4483 ) فصل :
ولا يجوز للمتصدق الرجوع في صدقته ، في قولهم جميعا ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال في حديثه : من وهب هبة على وجه صدقة ، فإنه لا يرجع فيها
مع عموم أحاديثنا ، فاتفق دليلهم ودليلنا ، فلذلك اتفق قولهم وقولنا .