( 4522 ) فصل :
ومن أخذت ثيابه من الحمام ، ووجد بدلها ، وأخذ مداسه ، وترك له بدله ، لم يملكه بذلك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله ، في من سرقت ثيابه ووجد غيرها : لم يأخذها ، فإن أخذها عرفها سنة ، ثم تصدق بها . إنما قال ذلك ; لأن سارق الثياب لم تجر بينه وبين مالكها معاوضة تقتضي زوال ملكه عن ثيابه ، فإذا أخذها فقد أخذ مال غيره ، ولم يعرف صاحبه ، فيعرفه كاللقطة . ويحتمل أن ينظر في هذا ، فإن كانت ثم قرينة تدل على السرقة ، بأن تكون ثيابه أو مداسه خيرا من المتروكة ، وكانت مما لا تشتبه على الآخذ بثيابه ومداسه ، فلا حاجة إلى التعريف
لأن التعريف إنما جعل في المال الضائع عن ربه ، ليعلم به ويأخذه ، وتارك هذا عالم به راض ببدله عوضا عما أخذه ، ولا يعترف أنه له ، فلا يحصل في تعريفه فائدة ، فإذا ليس هو بمنصوص عليه ، ولا في معنى المنصوص ، وفيما يصنع بها ثلاثة أوجه أحدها أنه يتصدق به على ما ذكرنا . الثاني أنه يباح له أخذها ; لأن صاحبها في الظاهر تركها له باذلا إياها له عوضا عما أخذه ، فصار كالمبيح له أخذها بلسانه ، فصار كمن قهر إنسانا على أخذ ثوبه ، ودفع إليه درهما .
الثالث أنه يرفعها إلى الحاكم ، ليبيعها ، ويدفع إليه ثمنها عوضا عن ماله . والوجه الثاني أقرب إلى الرفق بالناس ; لأن فيه نفعا لمن سرقت ثيابه ، بحصول عوض عنها ، ونفعا للسارق بالتخفيف عنه من الإثم ، وحفظا لهذه الثياب المتروكة من الضياع ، وقد أباح بعض أهل العلم لمن له على إنسان حق من دين أو غصب ، أن يأخذ من مال من عليه الحق بقدر ما عليه ، إذا عجز عن استيفائه بغير ذلك ، فهنا مع رضاء من عليه الحق بأخذه أولى . وإن كانت ثم قرينة دالة على أن الآخذ للثياب إنما أخذها ظنا منه أنها ثيابه ، مثل أن تكون المتروكة خيرا من المأخوذة أو مثلها ، وهي مما تشتبه بها ، فينبغي أن يعرفها هاهنا ; لأن صاحبها لم يتركها عمدا ، فهي بمنزلة الضائعة منه .
والظاهر أنه إذا علم بها ، أخذها ورد ما كان أخذه فتصير كاللقطة في المعنى ، وبعد التعريف إذا لم تعرف ، ففيها الأوجه التي ذكرناها إلا أننا إذا قلنا يأخذها أو يبيعها الحاكم ويدفع إليه ثمنها ، فإنما يأخذ بقدر قيمة ثيابه ، لا يزيد عليها ; لأن الزائد فاضل عما يستحقه ، ولم يرض صاحبها بتركها عوضا عما أخذه ، فإنه لم يأخذ غيرها اختيارا منه لتركها ، ولا رضى بالمعاوضة بها . وإذا قلنا : إنه يدفعها إلى الحاكم ليبيعها ، ويدفع إليه ثمنها . فله أن يشتريها بثمن في ذمته ، ويسقط عنه من ثمنها ما قابل ثيابه ، ويتصدق بالباقي . والله أعلم .