( 4566 ) فصل : فإن كان
سفر الأمين باللقيط إلى مكان يقيم به ، نظرنا ; فإن كان التقطه من الحضر ، فأراد النقلة به إلى البادية لم يقر في يده لوجهين أحدهما ، أن مقامه في الحضر أصلح له في دينه ودنياه ، وأرفه له . والثاني أنه إذا وجد في الحضر ، فالظاهر أنه ولد فيه ، فبقاؤه فيه أرجى لكشف نسبه وظهور أهله ، واعترافهم به . وإن أراد النقلة به إلى بلد آخر من الحضر ، ففيه وجهان أحدهما لا يقر في يده ; لأن بقاءه في بلده أرجى لكشف نسبه ، فلم يقر في يده المنتقل عنه ، قياسا على المنتقل به إلى البادية .
والثاني ، يقر في يده ; لأن ولايته ثابتة ، والبلد الثاني كالأول في الرفاهية ، فيقر في يده ، كما لو انتقل من أحد جانبي البلد إلى الجانب الآخر ، وفارق المنتقل به إلى البادية ; لأنه يضر به بتفويت الرفاهية عليه . وإن التقطه من البادية فله نقله إلى الحضر ; لأنه ينقله من أرض البؤس والشقاء إلى الرفاهية والدعة والدين . وإن أقام به في حلة يستوطنها ، فله ذلك . وإن كان ينتقل به في المواضع ، احتمل أن يقر في يديه ; لأن الظاهر أنه ابن بدويين ، وإقراره في يدي ملتقطه أرجى لكشف نسبه
ويحتمل أن يؤخذ منه ، فيدفع إلى صاحب قرية ; لأنه أرفه له ، وأخف عليه . وكل موضع قلنا : ينزع من ملتقطه . فإنما يكون ذلك إذا وجد من يدفع إليه ، ممن هو أولى به . فإن لم يوجد من يقوم به ، أقر في يدي ملتقطه ; لأن إقراره في يديه مع قصوره ، أولى من إهلاكه . وإن لم يوجد إلا مثل ملتقطه ، فملتقطه أولى به ، إذ لا فائدة في نزعه من يده ، ودفعه إلى مثله .