( 50 ) مسألة قال : ( ولا يتوضأ بسؤر كل بهيمة لا يؤكل لحمها ، إلا السنور وما دونها في الخلقة ) . السؤر فضلة الشرب . والحيوان قسمان : نجس وطاهر . فالنجس نوعان : أحدهما ما هو نجس ، رواية واحدة ، وهو
الكلب ، والخنزير ، وما تولد منهما ، أو من أحدهما ، فهذا نجس ، عينه ، وسؤره ، وجميع ما خرج منه ، روي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبي عبيد ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في السؤر خاصة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود : سؤرهما طاهر ، يتوضأ به ويشرب ، وإن ولغا في طعام لم يحرم أكله .
وقال
الزهري : يتوضأ به إذا لم يجد غيره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16512عبدة بن أبي لبابة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
وابن الماجشون ،
وابن مسلمة : يتوضأ ويتيمم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ويغسل
الإناء الذي ولغ فيه الكلب تعبدا .
واحتج بعضهم على طهارته بأن الله تعالى قال {
: فكلوا مما أمسكن عليكم } ولم يأمر بغسل ما أصابه فمه ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه بإسناده ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20072سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة ، تردها السباع والكلاب والحمر ، وعن الطهارة بها ؟ فقال : لها ما حملت في بطونها ، ولنا ما غبر طهور } ; ولأنه حيوان فكان طاهرا كالمأكول .
ولنا ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10682إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا } متفق عليه ،
nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24776فليرقه ، ثم ليغسله سبع مرات } ، ولو كان سؤره طاهرا لم تجز إراقته ، ولا وجب غسله . فإن قيل : إنما وجب غسله تعبدا ، كما تغسل أعضاء الوضوء وتغسل اليد من نوم الليل .
قلنا : الأصل وجوب الغسل من النجاسة ; بدليل سائر الغسل ، ثم لو كان تعبدا لما أمر بإراقة الماء ، ولما اختص الغسل بموضع الولوغ ; لعموم اللفظ في الإناء كله .
وأما غسل اليد من النوم فإنما أمر به للاحتفاظ ; لاحتمال أن تكون يده قد أصابتها نجاسة ، فيتنجس الماء ، ثم تنجس أعضاؤه به ، وغسل أعضاء الوضوء شرع للوضاءة والنظافة ليكون العبد في حال قيامه بين يدي الله سبحانه وتعالى على أحسن حال وأكملها ، ثم إن سلمنا ذلك ، فإنما عهدنا التعبد في غسل اليدين .
أما الآنية والثياب فإنما يجب غسلها من النجاسات ، وقد روي في لفظ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21340طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبعا } أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، ولا يكون الطهور إلا في محل الطهارة . وقولهم : إن الله تعالى أمر بأكل ما أمسكه الكلب قبل غسله ،
قلنا : الله تعالى أمر بأكله ، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسله ، فيعمل بأمرهما ، وإن سلمنا أنه لا يجب غسله فلأنه يشق ، فعفي عنه ، وحديثهم قضية في عين ، يحتمل أن الماء المسئول عنه كان كثيرا ، ولذلك قال في موضع آخر ، حين سئل عن الماء ، وما ينوبه من السباع : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9718إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث } ; ولأن الماء لا ينجس إلا بالتغير على رواية لنا ، وشربها من الماء لا يغيره ، فلم ينجسه ذلك
[ ص: 44 ]
النوع الثاني ما اختلف فيه ، وهو سائر سباع البهائم ، إلا السنور وما دونها في الخلقة ، وكذلك جوارح الطير ، والحمار الأهلي والبغل ; فعن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أن سؤرها نجس ، إذا لم يجد غيره تيمم ، وتركه .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أنه كره
سؤر الحمار . وهو قول
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
والشعبي ،
والأوزاعي ،
وحماد ،
وإسحاق وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله : أنه قال في البغل والحمار : إذا لم يجد غير سؤرهما تيمم معه . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري . وهذه الرواية تدل على طهارة سؤرهما ; لأنه لو كان نجسا لم تجز الطهارة به
وروي عن
إسماعيل بن سعيد : لا بأس
بسؤر السباع ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال في السباع : ترد علينا ، ونرد عليها . ورخص في سؤر جميع ذلك
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=17314ويحيى الأنصاري ،
nindex.php?page=showalam&ids=15562وبكير بن الأشج ،
nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11863وأبو الزناد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر ; لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد في الحياض ، وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أيضا ، وفي حديث آخر عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19961سئل : أنتوضأ بما أفضلت الحمر ؟ قال : نعم وبما أفضلت السباع كلها } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في " مسنده " ، وهذا نص ; ولأنه حيوان يجوز الانتفاع به من غير ضرورة ، فكان طاهرا كالشاة .
ووجه الرواية الأولى ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الماء ، وما ينوبه من السباع ؟ فقال : " إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس " . ولو كانت طاهرة لم يحده بالقلتين ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25033في الحمر يوم خيبر : إنها رجس } ولأنه حيوان حرم أكله ، لا لحرمته ، يمكن التحرز منه غالبا ، أشبه الكلب ; ولأن السباع والجوارح الغالب عليها أكل الميتات والنجاسات ، فتنجس أفواهها ، ولا يتحقق وجود مطهر لها ، فينبغي أن يقضى بنجاستها ، كالكلاب ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد قد أجبنا عنه ، ويتعين حمله على الماء الكثير ، عند من يرى نجاسة سؤر الكلب ، والحديث الآخر يرويه
ابن أبي حبيبة ، وهو منكر الحديث .
قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وإبراهيم بن يحيى ، وهو كذاب . والصحيح عندي :
طهارة البغل والحمار ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركبها ، وتركب في زمنه ، وفي عصر الصحابة ، فلو كان نجسا لبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ; ولأنهما لا يمكن التحرز منهما لمقتنيهما . فأشبها السنور ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنها رجس " . أراد أنها محرمة ، كقوله تعالى في الخمر والميسر والأنصاب والأزلام إنها " رجس " ، ويحتمل أنه أراد لحمها الذي كان في قدورهم ، فإنه رجس ، فإن ذبح ما لا يحل أكله لا يطهره .
القسم الثاني طاهر في نفسه ، وسؤره وعرقه ، وهو ثلاثة أضرب : الأول ،
الآدمي ، فهو طاهر ، وسؤره طاهر ، سواء كان مسلما أم كافرا ، عند عامة أهل العلم ، إلا أنه حكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي أنه كره
سؤر الحائض ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11867جابر بن زيد ، لا يتوضأ منه ، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11494المؤمن لا ينجس } .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21392أنها كانت تشرب من الإناء ، وهي حائض ، فيأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيها فيشرب ، وتتعرق العرق فيأخذه فيضع فاه على موضع فيها . } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=42089وكانت تغسل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض } ، متفق عليه ، وقال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11747 nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة : ناوليني الخمرة من المسجد قالت : إني حائض . قال : إن حيضتك ليست في يدك } .