( 5190 ) مسألة ; قال : والكفء ذو الدين والمنصب يعني بالمنصب الحسب ، وهو النسب . واختلفت الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في
شروط الكفاءة ، فعنه هما شرطان ; الدين ، والمنصب ، لا غير . وعنه أنها خمسة ; هذان ، والحرية ، والصناعة ، واليسار . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي ، في ( المجرد ) أن فقد هذه الثلاثة لا يبطل النكاح ، رواية واحدة ، وإنما الروايتان في الشرطين الأولين . قال : ويتوجه أن المبطل عدم الكفاءة في النسب لا غير ; لأنه نقص لازم ، وما عداه غير لازم ، ولا يتعدى نقصه إلى الولد
وذكر في ( الجامع ) الروايتين في جميع الشروط . وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب أيضا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : الكفاءة في الدين لا غير . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : هذا جملة مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وقول آخر أنها الخمسة التي ذكرناها ، والسلامة من العيوب الأربعة فتكون ستة ، وكذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي [ ص: 28 ] إلا في الصنعة والسلامة من العيوب الأربعة . ولم يعتبر
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن الدين ، إلا أن يكون ممن يسكر ويخرج ويسخر منه الصبيان ، فلا يكون كفؤا ; لأن الغالب على الجند الفسق ، ولا يعد ذلك نقصا ، والدليل على اعتبار الدين قوله تعالى : {
أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون }
ولأن الفاسق مرذول مردود الشهادة والرواية ، غير مأمون على النفس والمال ، مسلوب الولايات ، ناقص عند الله تعالى وعند خلقه ، قليل الحظ في الدنيا والآخرة ، فلا يجوز أن يكون كفؤا لعفيفة ، ولا مساويا لها ، لكن يكون كفؤا لمثله . فأما الفاسق من الجند ، فهو ناقص عند أهل الدين والمروآت . والدليل على اعتبار النسب في الكفاءة ، قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه : لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء . قال : قلت : وما الأكفاء ؟ قال في الحسب . رواه
أبو بكر عبد العزيز ، بإسناده . ولأن العرب يعدون الكفاءة في النسب ، ويأنفون من نكاح الموالي ، ويرون ذلك نقصا وعارا ، فإذا أطلقت الكفاءة ، وجب حملها على المتعارف ، ولأن في فقد ذلك عارا ونقصا ، فوجب أن يعتبر في الكفاءة كالدين .
( 5191 ) فصل : واختلفت الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، فروي عنه أن غير
قريش من العرب لا يكافئها ، وغير
بني هاشم لا يكافئهم . وهذا قول بعض أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11212إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى من كنانة قريشا ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم } . ولأن العرب فضلت على الأمم برسول الله صلى الله عليه وسلم
وقريش أخص به من سائر
العرب ،
وبنو هاشم أخص به من
قريش
وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان nindex.php?page=showalam&ids=67وجبير بن مطعم إن إخواننا من
بني هاشم لا ننكر فضلهم علينا ، لمكانك الذي وضعك الله به منهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة لا تكافئ العجم العرب ولا العرب
قريشا ،
وقريش كلهم أكفاء ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
قريش بعضهم أكفاء بعض . والرواية الثانية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أن العرب بعضهم لبعض أكفاء ، والعجم بعضهم لبعض أكفاء ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج ابنتيه
عثمان ، وزوج
nindex.php?page=showalam&ids=9920أبا العاص بن الربيع زينب ، وهما من
بني عبد شمس ، وزوج
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ابنته
أم كلثوم ، وتزوج
عبد الله بن عمرو بن عثمان فاطمة بنت الحسين بن علي ، وتزوج
المصعب بن الزبير أختها
سكينة ، وتزوجها أيضا
عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام ، وتزوج
nindex.php?page=showalam&ids=53المقداد بن الأسود nindex.php?page=showalam&ids=10960ضباعة ابنة الزبير بن عبد المطلب ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر أخته
أم فروة nindex.php?page=showalam&ids=185الأشعث بن قيس ، وهما كنديان ، وتزوج
nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة بنت قيس ، وهي من
قريش ، ولأن العجم والموالي بعضهم لبعض أكفاء ، وإن تفاضلوا ، وشرف بعضهم على بعض ، فكذلك العرب .
( 5192 ) فصل : فأما الحرية ، فالصحيح أنها من شروط الكفاءة ، فلا يكون العبد كفؤا لحرة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم خير
بريرة حين عتقت تحت عبد . فإذا ثبت الخيار بالحرية الطارئة ، فبالحرية المقارنة أولى . ولأن
[ ص: 29 ] نقص الرق كبير ، وضرره بين ، فإنه مشغول عن امرأته بحقوق سيده ، ولا ينفق نفقة الموسرين ، ولا ينفق على ولده ، وهو كالمعدوم بالنسبة إلى نفسه . ولا يمنع صحة النكاح ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26037قال لبريرة : لو راجعتيه . قالت : يا رسول الله ، أتأمرني ؟ قال : إنما أنا شفيع . قالت : فلا حاجة لي فيه } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
ومراجعتها له ابتداء النكاح ، فإنه قد انفسخ نكاحها باختيارها ، ولا يشفع إليها النبي صلى الله عليه وسلم في أن تنكح عبدا إلا والنكاح صحيح .
( 5193 ) فصل : فأما
اليسار ، ففيه روايتان ; إحداهما ، هو شرط في الكفاءة ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14072الحسب المال . وقال : إن أحساب الناس بينهم في هذه الدنيا هذا المال . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11129لفاطمة بنت قيس ، حين أخبرته أن nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية خطبها : أما nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية فصعلوك ، لا مال له }
ولأن على الموسرة ضررا في إعسار زوجها ; لإخلاله بنفقتها ومؤنة أولادها ، ولهذا ملكت الفسخ بإخلاله بالنفقة ، فكذلك إذا كان مقارنا ، ولأن ذلك معدود نقصا في عرف الناس ، يتفاضلون فيه كتفاضلهم في النسب وأبلغ ، قال
نبيه بن الحجاج السهمي :
سألتاني الطلاق أن رأتاني قل مالي قد جئتماني بنكر ويكأن من له نشب محبب
ومن يفتقر يعش عيش ضر
فكان من شروط الكفاءة ، كالنسب . والرواية الثانية ، ليس بشرط ; لأن الفقر شرف في الدين ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14807اللهم أحيني مسكينا ، وأمتني مسكينا } . وليس هو أمرا لازما ، فأشبه العافية من المرض ، واليسار المعتبر ما يقدر به على الإنفاق عليها ، حسب ما يجب لها ، ويمكنه أداء مهرها .
( 5194 ) فصل : فأما الصناعة ، ففيها روايتان أيضا ; إحداهما ، أنها شرط ، فمن كان من أهل الصنائع الدنيئة ، كالحائك ، والحجام ، والحارس ، والكساح ، والدباغ ، والقيم ، والحمامي ، والزبال ، فليس بكفء لبنات ذوي المروءات ، أو أصحاب الصنائع الجليلة ، كالتجارة ، والبناية ; لأن ذلك نقص في عرف الناس ، فأشبه نقص النسب ، وقد جاء في الحديث : {
العرب بعضهم لبعض أكفاء ، إلا حائكا ، أو حجاما } . قيل
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد رحمه الله : وكيف تأخذ به وأنت تضعفه ؟ قال : العمل عليه . يعني أنه ورد موافقا لأهل العرف . وروي أن ذلك ليس بنقص ، ويروى نحو ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة لأن ذلك ليس بنقص في الدين ، ولا هو لازم ، فأشبه الضعف والمرض ، قال بعضهم :
ألا إنما التقوى هي العز والكرم وحبك للدنيا هو الذل والسقم
وليس على عبد تقي نقيصة إذا حقق التقوى وإن حاك أو حجم
وأما السلامة من العيوب ، فليس من شروط الكفاءة ، فإنه لا خلاف في أنه لا يبطل النكاح بعدمها ، ولكنها تثبت الخيار للمرأة دون الأولياء ; لأن ضرره مختص بها .
ولوليها منعها من نكاح المجذوم والأبرص والمجنون ، وما عدا هذا فليس بمعتبر في الكفاءة .