[ ص: 85 ] النوع الثاني ،
المحرمات تحريم السبب وهو قسمان : رضاع ومصاهرة ، فأما الرضاع : فالمنصوص على التحريم فيه اثنتان ; الأمهات المرضعات ، وهن اللاتي أرضعنك وأمهاتهن وجداتهن وإن علت درجتهن ، على حسب ما ذكرنا في النسب ، محرمات بقوله تعالى {
: وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة } كل امرأة أرضعتك أمها ، أو أرضعتها أمك أو أرضعتك وإياها امرأة واحدة ، أو ارتضعت أنت وهي من لبن رجل واحد ، كرجل له امرأتان ، لهما لبن أرضعتك إحداهما ، وأرضعتها الأخرى ، فهي أختك .
محرمة عليك لقوله سبحانه : {
وأخواتكم من الرضاعة } القسم الثاني :
تحريم المصاهرة ، والمنصوص عليه أربع ، أمهات النساء ، فمن تزوج امرأة حرم عليه كل أم لها ، من نسب أو رضاع ، قريبة أو بعيدة بمجرد العقد نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وهو قول أكثر أهل العلم منهم
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=40وعمران بن حصين وكثير من التابعين وبه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحاب الرأي . وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أنها لا تحرم إلا بالدخول بابنتها ، كما لا تحرم ابنتها إلا بالدخول ولنا قول الله تعالى {
وأمهات نسائكم } والمعقود عليها من نسائه ، فتدخل أمها في عموم الآية
. قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أبهموا ما أبهم القرآن يعني عمموا حكمها في كل حال ، ولا تفصلوا بين المدخول بها وبين غيرها . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36044من تزوج امرأة فطلقها قبل أن دخل بها ، فلا بأس أن يتزوج ربيبته ولا يحل له أن يتزوج أمها } رواه
أبو حفص بإسناده وقال
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد تحرم بالدخول أو بالموت ; لأنه يقوم مقام الدخول . وقد ذكرنا ما يوجب التحريم مطلقا ، سواء وجد الدخول أو الموت أو لا ; ولأنها حرمت بالمصاهرة بقول مبهم ، فحرمت بنفس العقد ، كحليلة الابن والأب .
الثانية : بنات النساء اللاتي دخل بهن ، وهن الربائب ، فلا يحرمن إلا بالدخول بأمهاتهن ، وهن كل بنت للزوجة من نسب أو رضاع ، قريبة أو بعيدة ، وارثة أو غير وارثة ، على حسب ما ذكرنا في البنات ، إذا دخل بالأم حرمت عليه ، سواء كانت في حجره أو لم تكن ، في قول عامة الفقهاء ، إلا أنه روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي رضي الله تعالى عنهما أنهما رخصا فيها إذا لم تكن في حجره وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15858داود لقول الله تعالى : {
وربائبكم اللاتي في حجوركم } قال
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وقد أجمع علماء الأمصار على خلاف هذا القول
وقد ذكرنا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو في هذا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=41489وقال النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=10583لأم حبيبة : لا تعرضن علي بناتكن ، ولا أخواتكن } ولأن التربية لا تأثير لها في التحريم كسائر المحرمات ، وأما الآية فلم تخرج مخرج الشرط ، وإنما وصفها بذلك تعريفا لها بغالب حالها ، وما خرج مخرج الغالب لا يصح التمسك بمفهومه وإن لم يدخل بالمرأة لم تحرم عليه بناتها ، في قول عامة علماء الأمصار إذا بانت من نكاحه ، إلا أن يموت قبل الدخول ، ففيه روايتان ، إحداهما : تحرم
[ ص: 86 ] ابنتها . وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت وهي اختيار
أبي بكر لأن الموت أقيم مقام الدخول في تكميل العدة والصداق ، فيقوم مقامه في تحريم الربيبة .
والثانية : لا تحرم وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ومذهب عامة العلماء قال
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : أجمع عوام علماء الأمصار على أن الرجل إذا تزوج المرأة ، ثم طلقها ، أو ماتت قبل الدخول بها جاز له أن يتزوج ابنتها كذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ،
وإسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، ومن تبعهم ; لأن الله تعالى قال : {
من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم } وهذا نص لا يترك لقياس ضعيف وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو وقد ذكرناه ولأنها فرقة قبل الدخول ، فلم تحرم الربيبة .
كفرقة الطلاق ، والموت لا يجري مجرى الدخول في الإحصان والإحلال وعدة الأقراء ، وقيامه مقامه من وجه ليس بأولى من مفارقته إياه من وجه آخر ، ولو قام مقامه من كل وجه ، فلا يترك صريح نص الله تعالى ونص رسوله لقياس ولا غيره إذا ثبت هذا ، فإن الدخول بها هو وطؤها ، كني عنه بالدخول ، فإن خلا بها ولم يطأها ، لم تحرم ابنتها ; لأنها غير مدخول بها . وظاهر قول
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي تحريمها ; لقوله : فإن خلا بها وقال لم أطأها وصدقته لم يلتفت إلى قولهما وكان حكمها حكم المدخول في جميع أمورها ، إلا في الرجوع إلى زوج طلقها ثلاثا ، وفي الزنا ، فإنهما يجلدان ولا يرجمان وسنذكره فيما بعد إن شاء الله .
الثالثة : حلائل الأبناء ، يعني أزواجهم ، سميت امرأة الرجل حليلته لأنها محل إزار زوجها ، وهي محللة له ، فيحرم على الرجل أزواج أبنائه ، وأبناء بناته ، من نسب أو رضاع ، قريبا كان أو بعيدا بمجرد العقد لقوله تعالى : {
وحلائل أبنائكم } ولا نعلم في هذا خلافا . الرابعة : زوجات الأب ، فتحرم على الرجل امرأة أبيه ، قريبا كان أو بعيدا ، وارثا كان أو غير وارث ، من نسب أو رضاع لقوله تعالى : {
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف } وقال
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=41454لقيت خالي ، ومعه الراية ، فقلت : أين تريد ؟ قال : أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه أو أقتله } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي . وفي رواية قال : لقيت عمي
الحارث بن عمرو ، ومعه الراية فذكر الخبر كذلك . رواه
سعيد وغيره
وسواء في هذا امرأة أبيه ، أو امرأة جده لأبيه ، وجده لأمه ، قرب أم بعد وليس في هذا بين أهل العلم خلاف علمناه والحمد لله . ويحرم عليه من وطئها أبوه ، أو ابنه ، بملك يمين أو شبهة ، كما يحرم عليه من وطئها في عقد نكاح . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : الملك في هذا والرضاع بمنزلة النسب ، وممن حفظنا ذلك عنه
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وأصحاب الرأي ، ولا نحفظ عن أحد خلافهم .