صفحة جزء
( 5580 ) مسألة قال وإذا تزوجها على ألف لها ، وألف لأبيها ، كان ذلك جائزا ، فإن طلقها قبل الدخول ، رجع عليها بنصف الألفين ، ولم يكن على الأب شيء أخذه . وجملة الأمر أنه يجوز لأبي المرأة أن يشترط شيئا من صداق ابنته لنفسه . وبهذا قال إسحاق . وقد روي عن [ ص: 172 ] مسروق ، أنه لما زوج ابنته ، اشترط لنفسه عشرة آلاف ، فجعلها في الحج والمساكين ، ثم قال للزوج : جهز امرأتك .

وروي نحو ذلك عن علي بن الحسين ، وقال عطاء ، وطاوس ، وعكرمة ، وعمر بن عبد العزيز ، والثوري ، وأبو عبيد : يكون كل ذلك للمرأة . وقال الشافعي : إذا فعل ذلك ، فلها مهر المثل ، وتفسد التسمية ، لأنه نقص من صداقها لأجل هذا الشرط الفاسد ، لأن المهر لا يجب إلا للزوجة ، لأنه عوض بضعها ، فيبقى مجهولا ، لأننا نحتاج أن نضم إلى المهر ما نقص منه لأجل هذا الشرط ، وذلك مجهول فيفسد .

ولنا ، قول الله تعالى ، في قصة شعيب عليه السلام { إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج } فجعل الصداق الإجارة على رعاية غنمه ، وهو شرط لنفسه ، ولأن للوالد الأخذ من مال ولده ، بدليل قوله عليه السلام { أنت ومالك لأبيك } وقوله : { إن أولادكم من أطيب كسبكم ، فكلوا من أموالهم } أخرجه أبو داود ، ونحوه الترمذي وقال : حديث حسن ، فإذا شرط لنفسه شيئا من الصداق ، يكون ذلك أخذا من مال ابنته ، وله ذلك .

وقولهم : إنه شرط فاسد . ممنوع ، قال القاضي : ولو شرط جميع الصداق لنفسه ، صح ; بدليل قصة شعيب ، فإنه شرط الجميع لنفسه . وإذا تزوجها على ألف لها ، وألف لأبيها ، فطلقت قبل الدخول ، رجع الزوج في الألف الذي قبضته ولم يكن على الأب شيء مما أخذ ; لأن الطلاق قبل الدخول يوجب نصف الصداق ، والألفان جميع صداقها ، فرجع عليها بنصفهما ، وهو ألف ، ولم يكن على الأب شيء ; لأنه أخذ من مال ابنته ألفا ، فلا يجوز الرجوع عليه به ، وهذا فيما إذا كان قد قبضها الألفين ، ولو طلقها قبل قبضهما ، سقط عن الزوج ألف ، وبقي عليه ألف للزوجة يأخذ الأب منها ما شاء . وقال القاضي : : يكون بينهما نصفين .

وقال : نقله مهنا عن أحمد ، لأنه شرط لنفسه النصف ولم يحصل من الصداق إلا النصف ، وليس هذا القول على سبيل الإيجاب ، فإن للأب أن يأخذ ما شاء ، ويترك ما شاء ، وإذا ملك أن يأخذ من غير شرط ، فكذلك إذا شرط . ( 5581 ) فصل : فإن شرط ذلك غير الأب من الأولياء ، كالجد والأخ والعم ، فالشرط باطل . نص عليه أحمد وجميع المسمى لها . ذكره أبو حفص ، وهو قول من سمينا في أول المسألة . وقال الشافعي : يجب مهر المثل .

وهكذا ذكر القاضي ، في " المجرد " ; لأن الشرط إذا بطل احتجنا أن نرد إلى الصداق ما نقصت الزوجة لأجله ، ولا يعرف قدره ، فيصير الكل مجهولا فيفسد . وإن أصدقها ألفين ، على أن تعطي أخاها ألفا ، فالصداق صحيح ; لأنه شرط لا يزاد في المهر من أجله ، ولا ينقص منه ، فلا يؤثر في المهر ، بخلاف التي قبلها .

ولنا ، أن جميع ما اشترطته عوض في تزويجها ، فيكون صداقا لها ، كما لو جعله لها ، وإذا كان صداقا انتفت [ ص: 173 ] الجهالة وهكذا لو كان الأب هو المشترط ، لكان الجميع صداقا ، وإنما هو أخذ من مال ابنته ; لأن له ذلك ويشترط أن لا يكون ذلك مجحفا بمال ابنته ، فإن كان مجحفا بمالها ، لم يصح الشرط ، وكان الجميع لها ، كما لو اشترطه سائر أوليائها . ذكره القاضي في المجرد .

التالي السابق


الخدمات العلمية