صفحة جزء
( 5639 ) فصل إذا تزوج أربع نسوة في عقد واحد بمهر واحد ، مثل أن يكون لهن ولي واحد كبنات الأعمام ، أو موليات لمولى واحد ، أو من ليس لهن ولي ، فزوجهن الحاكم ، أو كان لهن أولياء فوكلوا وكيلا واحدا ، فعقد نكاحهن مع رجل ، فقبله ، فالنكاح صحيح ، والمهر صحيح . وبهذا قال أبو حنيفة . وهو أشهر قولي الشافعي والقول الثاني ، أن المهر فاسد ، ويجب مهر المثل ; لأن ما يجب لكل واحدة منهن من المهر غير معلوم .

ولنا ، أن الفرض في الجملة معلوم ، فلا يفسد لجهالته في التفصيل ، كما لو اشترى أربعة أعبد من رجل بثمن واحد وكذلك الصبرة بثمن واحد ، وهو لا يعلم قدر قفزانها . إذا ثبت هذا ، فإن الصداق يقسم بينهن على قدر مهورهن في قول القاضي ، وابن حامد وهو قول أبي حنيفة ، وصاحبيه ، والشافعي وقال أبو بكر : يقسم بينهن بالسوية ; لأنه أضافه إليهن إضافة واحدة ، فكان بينهن بالسواء ، كما لو وهبه لهن ، أو أقر به لهن ، وكما لو اشترى جماعة ثوبا بأثمان مختلفة ، ثم باعوه مرابحة أو مساومة ، كان الثمن بينهم بالسواء ، وإن اختلفت رءوس أموالهم ، ولأن القول بتقسيطه يفضي إلى جهالة العوض لكل واحدة منهن وذلك يفسده .

ولنا ، أن الصفقة اشتملت على شيئين مختلفي القيمة ، فوجب تقسيط العوض عليهما بالقيمة ، كما لو باع شقصا وسيفا ، أو كما لو ابتاع عبدين ، فوجد أحدهما حرا أو مغصوبا . وقد نص أحمد ، في من ابتاع عبدين ، فإذا أحدهما حر ، أنه يرجع بقيمته من الثمن . وكذلك نص في من تزوج على جاريتين ، فإذا إحداهما حرة ، أنه يرجع [ ص: 203 ] بقيمة الحرة ولو اشترى عبدين فوجد أحدهما معيبا فرده لرجع بقسطه من الثمن .

ما ذكره من المسألة غير مسلم له ، وإن سلم فالقيمة ثم واحدة ، بخلاف مسألتنا . وأما الهبة والإقرار ، فليس فيهما قيمة يرجع إليها ، وتقسم الهبة عليهما ، بخلاف مسألتنا ، وإفضاؤه إلى جهالة التفصيل ، لا يمنع الصحة إذا كان معلوم الجملة ، ويتفرع عن هذه المسألة ، إذا خالع امرأتين بعوض واحد ، أو كاتب عبيدا بعوض واحد ، أنه يصح مع الخلاف فيه ويقسم العوض في الخلع على قدر المهرين ، وفي الكتابة على قدر قيمة العبيد . وعلى قول أبي بكر ، يقسم بالسوية في المسألتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية