( 6206 ) مسألة قال :
( فإن أفطر فيها من عذر بنى ، وإن أفطر من غير عذر ابتدأ ) أجمع أهل العلم على وجوب
التتابع في الصيام في كفارة الظهار ، وأجمعوا على أن
من صام بعض الشهر ، ثم قطعه لغير عذر ، وأفطر ، أن عليه استئناف الشهرين ; وإنما كان كذلك لورود لفظ الكتاب والسنة به ، ومعنى التتابع الموالاة بين صيام أيامها ، فلا يفطر فيهما ، ولا يصوم عن غير الكفارة . ولا يفتقر التتابع إلى نية ، ويكفي فعله ; لأنه شرط ، وشرائط العبادات لا تحتاج إلى نية ، وإنما تجب النية لأفعالها . وهذا أحد الوجوه لأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، والوجه الآخر ، أنها واجبة لكل ليلة ; لأن ضم العبادة إلى العبادة إذا كان شرطا ، وجبت النية فيه ، كالجمع بين الصلاتين . والثالث ، يكفي نية التتابع في الليلة الأولى .
ولنا ، أنه تتابع واجب في العبادة ، فلم يفتقر إلى نية ، كالمتابعة بين الركعات . ويفارق الجمع بين الصلاتين ، فإن ذلك رخصة ، فافتقر إلى نية الترخص . وما ذكروه ينتقض بالمتابعة بين الركعات . وأجمع أهل العلم على أن
الصائمة متتابعا ، إذا حاضت قبل إتمامه ، تقضي إذا طهرت ، وتبني . وذلك ; لأن الحيض لا يمكن التحرز منه في الشهرين إلا بتأخيره إلى الإياس ، وفيه تغرير بالصوم ; لأنها ربما ماتت قبله . والنفاس كالحيض ، في أنه لا يقطع
[ ص: 22 ] التتابع في أحد الوجهين ; لأنه بمنزلته في أحكامه ، ولأن الفطر لا يحصل فيهما بفعلهما ، وإنما ذلك الزمان كزمان الليل في حقهما . والوجه الثاني ، أن النفاس يقطع التتابع ; لأنه فطر أمكن التحرز منه ، لا يتكرر كل عام . فقطع التتابع ، كالفطر لغير عذر . ولا يصح قياسه على الحيض ; لأنه أندر منه ، ويمكن التحرز عنه .
وإن أفطر لمرض مخوف ، لم ينقطع التتابع أيضا . روي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
وإسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في القديم . وقال في الجديد : ينقطع التتابع . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ،
والحكم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وأصحاب الرأي ; لأنه أفطر بفعله ، فلزمه الاستئناف ، كما لو أفطر لسفر .
ولنا ، أنه أفطر لسبب لا صنع له فيه ، فلم يقطع التتابع ، كإفطار المرأة للحيض . وما ذكروه من الأصل ممنوع . وإن كان المرض غير مخوف ، لكنه يبيح الفطر ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب : فيه وجهان أحدهما ، لا يقطع التتابع ; لأنه مرض أباح الفطر ، أشبه المخوف . والثاني ، يقطع التتابع ; لأنه أفطر اختيارا ، فانقطع التتابع ، كما لو أفطر لغير عذر
. فأما الحامل والمرضع ، فإن أفطرتا خوفا على أنفسهما ، فهما كالمريض ، وإن أفطرتا خوفا على ولديهما . ففيهما وجهان أحدهما ، لا ينقطع التتابع . اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب ; لأنه فطر أبيح لهما بسبب لا يتعلق باختيارهما ، فلم ينقطع التتابع ، كما لو أفطرتا خوفا على أنفسهما . والثاني ، ينقطع ; لأن الخوف على غيرهما ، ولذلك يلزمهما الفدية مع القضاء .
وإن أفطر لجنون ، أو إغماء ، لم ينقطع التتابع ; لأنه عذر لا صنع له فيه ، فهو كالحيض .