( 6275 ) فصل : وإذا
ولدت امرأته ولدا ، فسكت عن نفيه ، مع إمكانه ، لزمه نسبه ، ولم يكن له نفيه بعد ذلك . وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال
أبو بكر : لا يتقدر ذلك بثلاث ، بل هو على ما جرت به العادة ، إن كان ليلا فحتى يصبح وينتشر الناس ، وإن كان جائعا أو ظمآن فحتى يأكل أو يشرب ، أو ينام إن كان ناعسا ، أو يلبس ثيابه ويسرج دابته ويركب ويصلي إن حضرته الصلاة ، ويحرز ماله إن كان غير محرز ، وأشباه ذلك من أشغاله ، فإن أخره بعد هذا كله ، لم يكن له نفيه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : له تأخير نفيه يوما ويومين استحسانا ; لأن النفي عقيب الولادة يشق ، فقدر
[ ص: 62 ] باليومين لقلته . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد : يتقدر بمدة النفاس ; لأنها جارية مجرى الولادة في الحكم .
وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، أن له نفيه ما لم يعترف به فكان له نفيه ، كحالة الولادة . ولنا ، أنه خيار لدفع ضرر متحقق ، فكان على الفور ، كخيار الشفعة ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15831الولد للفراش } . عام خرج منه ما اتفقنا عليه مع السنة الثابتة ، فما عداه يبقى على عموم الحديث ، وما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة يبطل بخيار الرد بالعيب ، والأخذ بالشفعة ، وتقديره بمدة النفاس تحكم لا دليل عليه ، وما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء يبطل أيضا بما ذكرناه ، ولا يلزم القصاص ; لأنه لاستيفاء حق لا لدفع ضرر ، ولا الحمل ; لأنه لم يتحقق ضرره .
إذا ثبت هذا ، فهل يتقدر الخيار في النفي بمجلس العلم ، أو بإمكان النفي ؟ على وجهين : بناء على المطالبة بالشفعة ، فإن أخر نفيه عن ذلك ، ثم ادعى أنه لا يعلم بالولادة ، وأمكن صدقه ، بأن يكون في موضع يخفى عليه ذلك ، مثل أن يكون في محلة أخرى ، فالقول قوله مع يمينه ; لأن الأصل عدم العلم ، وإن لم يمكن ، مثل أن يكون معها في الدار ، لم يقبل ; لأن ذلك لا يكاد يخفى عليه . وإن قال : علمت ولادته ، ولم أعلم أن لي نفيه . أو علمت ذلك ، ولم أعلم أنه على الفور . وكان ممن يخفى عليه ذلك ، كعامة الناس ، قبل منه ; لأن هذا مما يخفى عليهم ، فأشبه ما لو كان حديث عهد بإسلام ، وإن كان فقيها ، لم يقبل ذلك منه ; لأنه مما لا يخفى عليه ذلك . ويحتمل أن يقبل منه ; لأن الفقيه يخفى عليه كثير من الأحكام .
وقال أصحابنا : لا يقبل ذلك من الفقيه ، ويقبل من الناشئ ببادية ، وحديث العهد بالإسلام ، وهل يقبل من سائر العامة ؟ على وجهين . وإن كان له عذر يمنعه من الحضور لنفيه ، كالمرض والحبس ، أو الاشتغال بحفظ مال يخاف ضيعته ، أو بملازمة غريم يخاف فوته أو غيبته ، نظرت ; فإن كانت مدة ذلك قصيرة فأخره إلى الحضور ليزول عذره ، لم يبطل نفيه ; لأنه بمنزلة من علم ذلك ليلا فأخره إلى الصبح ، وإن كانت تتطاول ، فأمكنه التنفيذ إلى الحاكم ليبعث إليه من يستوفي عليه اللعان والنفي ، فلم يفعل ، سقط نفيه ، فإن لم يمكنه ، أشهد على نفسه أنه ناف لولد امرأته ، فإن لم يفعل ، بطل خياره ; لأنه إذا لم يقدر على نفيه كان الإشهاد قائما مقامه ، كما يقيم المريض الفيئة بقوله ، بدلا عن الفيئة بالجماع . فإن قال : لم أصدق المخبر عنه . نظرت ; فإن كان مستفيضا منتشرا ، لم يقبل قوله ، وإن لم يكن مستفيضا ، وكان المخبر مشهور العدالة ، لم يقبل ، وإلا قبل .
وإن قال : لم أعلم أن علي ذلك . قبل قوله ; لأنه مما يخفى ، وإن علم وهو غائب ، فأمكنه السير ، فاشتغل به ، لم يبطل خياره ، وإن أقام من غير حاجة بطل ; لأنه أخره لغير عذر ، وإن كانت له حاجة تمنعه من السير ، فهو على ما ذكرنا من قبل . وإن أخر نفيه لغير عذر ، وقال : أخرت نفيه رجاء أن يموت ، فأستر عليه وعلي . بطل خياره ; لأنه أخر نفيه مع الإمكان لغير عذر .