( 6395 ) فصل : فأما
إذا قلنا : ليس لها السكنى . فتطوع الورثة بإسكانها في مسكن زوجها ، أو السلطان أو أجنبي ، لزمها الاعتداد به ، وإن منعت السكنى به ، أو طلبوا منها الأجرة ، فلها أن تنتقل عنه إلى غيره ، كما ذكرنا فيما إذا
[ ص: 130 ] أخرجها المؤجر عند انقضاء الإجارة ، وسواء قدرت على الأجرة ، أو عجزت عنها لأنه إنما تلزمها السكنى لا تحصيل المسكن .
وإن
كانت في مسكن لزوجها ، فأخرجها الورثة منه ، وبذلوا لها مسكنا آخر ، لم تلزمها السكنى . وكذلك إن أخرجت من المسكن الذي هي به ، أو خرجت لأي عارض كان ، لم تلزمها السكنى في موضع معين سواه ، سواء بذله الورثة أو غيرهم لأنها إنما
يلزمها الاعتداد في بيتها الذي كانت فيه ، لا في غيره . وكذلك إذا قلنا لها السكنى ، فتعذر سكناها في مسكنها وبذل لها سواه
. وإن طلبت مسكنا سواه ، لزم الورثة تحصيله ، بأجرة أو بغيرها ، إن خلف الميت تركة تفي بذلك ، ويقدم ذلك على الميراث ; لأنه حق على الميت ، فأشبه الدين ; فإن كان على الميت دين يستغرق ماله ، ضربت بأجرة المسكن مع الغرماء ; لأن حقها مساو لحقوق الغرماء ، وتستأجر بما يصيبها موضعا تسكنه . وكذلك الحكم في المطلقة
إذا حجر على الزوج قبل أن يطلقها ، ثم طلقها ، فإنها تضرب بأجرة المسكن لمدة العدة مع الغرماء ، إذا كانت حاملا .
فإن قيل : فهلا قدمتم حق الغرماء ; لأنه أسبق ؟ قلنا : لأن حقها ثبت عليه بغير اختيارها ، فشاركت الغرماء فيه ، كما لو أتلف المفلس مالا لإنسان أو جنى عليه ، وإن
مات ، وهي في مسكنه ، لم يجز إخراجها منه ; لأن حقها تعلق بعين المسكن ، قبل تعلق حقوق الغرماء بعينه ، فكان حقها مقدما كحق المرتهن . وإن طلب الغرماء بيع هذا المسكن ، وتترك السكنى لها مدة العدة ، لم يجز ; لأنها إنما تستحق السكنى إذا كانت حاملا ، ومدة الحمل مجهولة ، فتصير كما لو باعها واستثنى نفعها مدة مجهولة . وإن أراد الورثة قسمة مسكنها على وجه يضر بها في السكنى ، لم يكن لهم ذلك .
وإن أرادوا التعليم بخطوط ، من غير نقض ولا بناء ، جاز ; لأنه لا ضرر عليها فيه . ( 6396 ) فصل :
وإذا قلنا : إنها تضرب مع الغرماء بقدر مدة عدتها . فإنها تضرب بمدة عادتها في وضع الحمل ، إن كانت حاملا ، وإن كانت مطلقة من ذوات القروء ، وقلنا : لها السكنى . ضربت بمدة عادتها في القروء ، فإن لم تكن لها عادة ، ضربت بغالب عادات النساء ، وهو تسعة أشهر للحمل ، وثلاثة أشهر ، لكل قرء شهر ، أو بما بقي من ذلك ، إن كان قد مضى من مدة حملها شيء ; لأنه لا يمكن تأخير القسمة لحق الغرماء ، فإذا ضربت بذلك ، فوافق الصواب ، فلم تزد ولم تنقص ، استقر الحكم ، وتستأجر بما يحصل لها مكانا تسكنه .
وإذا تعذر ذلك ، سكنت حيث شاءت . وإن كانت المدة أقل مما ضربت به ، مثل إن وضعت حملها لستة أشهر ، أو تربصت ثلاثة قروء في شهرين ، فعليها رد الفضل وتضرب فيه بحصتها منه . وإن طالت العدة أكثر من ذلك ، مثل ذلك مثل إن وضعت حملها في عام ، أو رأت ثلاثة قروء في نصف عام ، رجعت بذلك على الغرماء ، كما يرجعون عليها في صورة النقص . ويحتمل أن لا ترجع به ، ويكون في ذمة زوجها ; لأننا قدرنا ذلك مع تجويز الزيادة ، فلم تكن لها الزيادة عليه .