( 6401 ) مسألة : قال : ( والمطلقة ثلاثا ، تتوقى الطيب ، والزينة ، والكحل بالإثمد ) اختلفت الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، في وجوب
الإحداد على المطلقة البائن ; فعنه ، يجب عليها . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبي عبيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وأصحاب الرأي . والثانية ، لا يجب عليها . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر ونحوه قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=58047لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ، أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال ، إلا على زوج ، أربعة أشهر وعشرا } . وهذه عدة الوفاة ، فيدل على أن الإحداد إنما يجب في عدة الوفاة ; ولأنها معتدة عن غير وفاة ، فلم يجب عليها الإحداد ، كالرجعية ، والموطوءة بشبهة ، ولأن الإحداد في عدة الوفاة لإظهار الأسف على فراق زوجها وموته ، فأما الطلاق فإنه فارقها باختيار نفسه ، وقطع نكاحها ، فلا معنى لتكليفها الحزن عليه ; ولأن المتوفى عنها لو أتت بولد ، لحق الزوج ، وليس له من ينفيه ، فاحتيط عليها بالإحداد ، لئلا يلحق بالميت من ليس منه ، بخلاف المطلقة ، فإن زوجها باق ، فهو يحتاط عليها بنفسه ، وينفي ولدها إذا كان من غيره .
ووجه الرواية الأولى ، أنها معتدة بائن من نكاح ، فلزمها الإحداد ، كالمتوفى عنها زوجها ، وذلك لأن العدة تحرم النكاح ، فحرمت دواعيه . ويخرج على هذا الرجعية ، فإنها زوجة ، والموطوءة بشبهة ليست معتدة من نكاح ، فلم تكمل
[ ص: 132 ] الحرمة . فأما الحديث ، فإنما مدلوله تحريم الإحداد على ميت غير الزوج ، ونحن نقول به ; ولهذا جاز الإحداد هاهنا بالإجماع ، فإذا قلنا يلزمها الإحداد ، لزمها شيئان ; توقي الطيب ، والزينة في نفسها ، على ما قدمنا فيها ،
ولا تمنع من النقاب ، ولا من الاعتداد في غير منزلها ، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة بنت قيس ، أن تعتد في بيت
nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم . على ما سنذكره ، إن شاء الله تعالى . ( 6402 )
فصل :
وإذا كانت المبتوتة حاملا ، وجب لها السكنى ، رواية واحدة . ولا نعلم بين أهل العلم خلافا فيه ،
وإن لم تكن حاملا ففيها روايتان ; إحداهما ، لا يجب لها ذلك . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر . وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاووس ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16723وعمرو بن ميمون ،
وعكرمة ،
وإسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود . والثانية يجب لها ذلك ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
وعائشة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ،
والقاسم ،
وسالم ،
وأبي بكر بن عبد الرحمن ،
nindex.php?page=showalam&ids=15786وخارجة بن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأصحاب الرأي ; لقول الله تعالى : {
لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } .
وقال تعالى {
أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } . فأوجب لهن السكنى مطلقا ، ثم خص الحامل بالإنفاق عليها . ولنا ما روت
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة بنت قيس ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=83667أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة ، وهو غائب ، فأرسل إليها وكيله بشعير ، فتسخطته ، فقال والله ما لك علينا من شيء . فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له ، فقال لها : ليس لك عليه نفقة ولا سكنى . فأمرها أن تعتد في بيت nindex.php?page=showalam&ids=11598أم شريك ، ثم قال : إن تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي في بيت nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم } متفق عليه . فإن قيل : فقد أنكر عليها
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وقال ما كنا لندع كتاب ربنا ، وسنة نبينا ، لقول امرأة ، لا ندري أصدقت أم كذبت .
وقال
عروة : لقد عابت
عائشة ذلك أشد العيب ، ؟ وقال : إنها كانت في مكان وحش ، فخيف على ناحيتها . ؟ وقال :
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، تلك امرأة فتنت الناس ، إنها كانت لسنة ، فوضعت على يدي
nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم الأعمى . قلنا : أما مخالفة الكتاب ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة لما أنكروا عليها ، قالت : بيني وبينكم كتاب الله ، قال الله تعالى : {
لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا } . فأي أمر يحدث بعد الثلاث ؟ فكيف تقولون : لا نفقة لها ، إذا لم تكن حاملا فعلام تحبسونها ؟ فكيف تحبس امرأة بغير نفقة ؟ وأما قولهم : إن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال : لا ندع كتاب ربنا .
فقد أنكر
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد هذا القول عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، قال ولكنه قال : لا نجيز في ديننا قول امرأة . وهذا مجمع على خلافه ، وقد أخذنا بخبر
فريعة ، وهي امرأة ، وبرواية
عائشة وأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحكام ، وصار أهل العلم إلى خبر
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة هذا في كثير من الأحكام ، مثل سقوط نفقة المبتوتة إذا لم تكن حاملا ، ونظر المرأة إلى الرجال ، وخطبة الرجل ، على خطبة أخيه إذا لم تكن سكنت إلى الأول .
[ ص: 133 ]
وأما تأويل من تأول حديثها ، فليس بشيء فإنها تخالفهم في ذلك ، وهي أعلم بحالها ، ولم يتفق المتأولون على شيء ، وقد رد على من رد عليها ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران nindex.php?page=showalam&ids=15990لسعيد بن المسيب ، لما قال : تلك امرأة فتنت الناس : لئن كانت إنما أخذت بما أفتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فتنت الناس ، وإن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ، مع أنها أحرم الناس عليه ، ليس له عليها رجعة ، ولا بينهما ميراث . وقول
عائشة : إنها كانت في مكان وحش . لا يصح ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم علل بغير ذلك ، فقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43383يا ابنة آل قيس ، إنما السكنى والنفقة ما كان لزوجك عليك الرجعة } . هكذا رواه
الحميدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13665والأثرم . ولأنه لو صح ما قالته
عائشة أو غيرها من التأويل ، ما احتاج
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في رده إلى أن يعتذر بأنه قول امرأة .
ثم
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة صاحبة القصة ، وهي أعرف بنفسها وبحالها ، وقد أنكرت على من أنكر عليها ، وردت على من رد خبرها ، أو تأوله بخلاف ظاهره ، فيجب تقديم قولها ; لمعرفتها بنفسها ، وموافقتها ظاهر الخبر ، كما في سائر ما هذا سبيله .