( 6406 ) فصل : وإذا
أذن لها زوجها للسفر لغير النقلة ، فخرجت ثم مات زوجها ، فالحكم في ذلك كالحكم في سفر الحج ، على ما ذكرنا من التفصيل . وإذا مضت إلى مقصدها ، فلها الإقامة حتى تقضي ما خرجت إليه ، وتنقضي حاجتها من تجارة أو غيرها . وإن كان خروجها لنزهة أو زيارة ، أو لم يكن قدر لها مدة ، فإنها تقيم إقامة المسافر ثلاثا ، وإن قدر لها مدة ، فلها إقامتها ; لأن سفرها بحكم إذنه ، فكان لها إقامة ما أذن لها فيه ، فإذا
مضت مدتها ، أو قضت حاجتها ، ولم يمكنها الرجوع ; لخوف أو غيره ، أتمت العدة في مكانها ، وإن أمكنها الرجوع ، لكن لا يمكنها الوصول إلى منزلها حتى تنقضي عدتها ، لزمتها الإقامة في مكانها ; لأن الاعتداد وهي مقيمة أولى من الإتيان بها في السفر .
وإن كانت تصل وقد بقي من عدتها شيء ، لزمها العود ; لتأتي بالعدة في مكانها . ( 6407 ) فصل : وإن
أذن الزوج لها في الانتقال إلى دار أخرى ، أو بلد آخر ، فمات قبل انتقالها ، لزمها الاعتداد في الدار التي هي بها ; لأنها بيتها ، وسواء مات قبل نقل متاعها أو بعده ; لأنها مسكنها ، ما لم تنتقل عنه . وإن مات بعد انتقالها إلى الثانية ، اعتدت فيها ; لأنها مسكنها ، وسواء كانت قد نقلت متاعها ، أو لم تنقله .
وإن مات وهي بينهما ، فهي مخيرة ; لأنها لا مسكن لها منهما . فإن الأولى قد خرجت عنها منتقلة ، فخرجت عن كونها مسكنا لها ، والثانية لم تسكن بها ، فهما سواء . وقيل : يلزمها الاعتداد في الثانية ; لأنها المسكن الذي أذن لها زوجها في السكنى به . وهذا يمكن في الدارين ، فأما إذا كانا بلدين ، لم يلزمها الانتقال إلى البلد الثاني بحال ; لأنها إنما كانت تنتقل لغرض زوجها في صحبتها إياه ، وإقامتها معه ، فلو ألزمناها ذلك بعد موته ، لكلفناها السفر الشاق ، والتغرب عن وطنها وأهلها ، والمقام مع غير محرمها ، والمخاطرة بنفسها ، مع فوات الغرض ، وظاهر حال الزوج أنه لو علم أنه يموت ، لما نقلها ، فصارت الحياة مشروطة في النقلة .
فأما إن انتقلت إلى الثانية ، ثم عادت إلى الأولى لنقل متاعها ، فمات زوجها وهي بها ، فعليها الرجوع إلى الثانية ; لأنها صارت مسكنها بانتقالها إليها ، وإنما عادت إلى الأولى لحاجة ، والاعتبار بمسكنها دون موضعها .
وإن مات وهي في الثانية ، فقالت : أذن لي زوجي في السكنى بهذا المكان . وأنكر ذلك الورثة ، أو قالت : إنما أذن لي زوجي في المجيء إليه ، لا في الإقامة به . وأنكر ذلك الورثة ، فالقول قولها ; لأنها أعرف بذلك منهم . وكل موضع قلنا : يلزمها السفر عن بلدها . فهو مشروط بوجود محرمها مسافرا معها ، والأمن على نفسها ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31415لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ، أن تسافر مسيرة يوم وليلة ، إلا مع ذي محرم من أهلها } . أو كما قال . ( 6408 )
مسألة : قال : ( وإذا طلقها زوجها ، أو مات عنها ، وهو ناء عنها ، فعدتها من يوم مات أو طلق ، إذا صح ذلك عندها ، وإن لم تجتنب ما تجتنبه المعتدة )
[ ص: 136 ] هذا المشهور في المذهب ، وأنه متى مات زوجها أو طلقها ، فعدتها من يوم موته وطلاقه . قال
أبو بكر لا خلاف عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبي عبد الله أعلمه ، أن
العدة تجب من حين الموت والطلاق ، إلا ما رواه
إسحاق بن إبراهيم وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار ،
nindex.php?page=showalam&ids=12134وأبي قلابة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17191ونافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وإسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبي عبيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وأصحاب الرأي وعن .
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : إن قامت بذلك بينة ، فكما ذكرنا . وإلا فعدتها من يوم يأتيها الخبر .
وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز . ويروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
وعطاء الخراساني ،
nindex.php?page=showalam&ids=15826وخلاس بن عمرو ، أن عدتها من يوم يأتيها الخبر ; لأن العدة اجتناب أشياء ، وما اجتنبتها .
ولنا ، أنها لو كانت حاملا ، فوضعت حملها غير عالمة بفرقة زوجها ، لانقضت عدتها ، فكذلك سائر أنواع العدد ; ولأنه زمان عقيب الموت أو الطلاق ، فوجب أن تعتد به ، كما لو كان حاضرا ، ولأن القصد غير معتبر في العدة ، بدليل أن الصغيرة والمجنونة تنقضي عدتهما من غير قصد ، ولم يعدم هاهنا إلا القصد ، وسواء في هذا اجتنبت ما تجتنبه المعتدات ، أو لم تجتنبه ، فإن الإحداد الواجب ليس بشرط في العدة ، فلو تركته قصدا ، أو عن غير قصد ، لانقضت عدتها ، فإن الله تعالى قال : {
يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } . وقال : {
فعدتهن ثلاثة أشهر } . وقال : {
وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } . وفي اشتراط الإحداد مخالفة هذه النصوص ، فوجب أن لا يشترط .