الضرب الثالث
: أن يجمع بينه وبين أسد أو نمر ، في مكان ضيق ، كزبية ونحوها ، فيقتله ، فهذا عمد ، فيه القصاص إذا فعل السبع به فعلا يقتل مثله ، وإن فعل به فعلا لو فعله الآدمي لم يكن عمدا ، لم يجب القصاص به ; لأن السبع صار آلة للآدمي ، فكان فعله . كفعله . وإن ألقاه مكتوفا بين يدي الأسد ، أو النمر ، في فضاء ، فأكله ، فعليه القود . وكذلك إن جمع بينه وبين حية في مكان ضيق ، فنهشته فقتلته ، فعليه القود . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : لا ضمان عليه في الصورتين . وهو قول أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; لأن الأسد والحية يهربان من الآدمي ، ولأن هذا سبب غير ملجئ . ولنا ، أن هذا يقتل غالبا ، فكان عمدا محضا ، كسائر الصور . وقولهم : إنهما يهربان . غير صحيح ، فإن الأسد يأخذ الآدمي المطلق ، فكيف يهرب من مكتوف ألقي إليه ليأكله ، والحية إنما تهرب في مكان واسع ، أما إذا ضاق المكان ، فالغالب أنها تدفع عن نفسها بالنهش ، على ما هو العادة وقد ذكر القاضي في من ألقي مكتوفا في أرض مسبعة ، أو ذات حيات ، فقتلته ، أن في وجوب القصاص روايتين . وهذا تناقض شديد ; فإنه نفى الضمان بالكلية في صورة كان القتل فيها أغلب ، وأوجب القصاص في صورة كان فيها أندر ، والصحيح أنه لا قصاص هاهنا ، ويجب الضمان ; لأنه فعل به فعلا متعمدا تلف به . لا يقتل مثله غالبا .
وإن أنهشه حية أو سبعا فقتله ، فعليه القود إذا كان ذلك مما يقتل غالبا ، فإن كان مما لا يقتل غالبا ، كثعبان
الحجاز ، أو سبع صغير ، ففيه وجهان : أحدهما ، فيه القود ; لأن الجرح لا يعتبر فيه غلبة حصول القتل به ، وهذا جرح ، ولأن الحية من جنس ما يقتل غالبا . والثاني : هو شبه عمد ; لأنه لا يقتل غالبا ، أشبه الضرب بالعصا والحجر . وإن كتفه وألقاه في أرض غير مسبعة فأكله سبع ، أو نهشته حية ، فمات فهو شبه عمد . وقال أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : هو خطأ محض . ولنا ، أنه فعل به فعلا لا يقتل مثله غالبا عمدا ، فأفضى إلى هلاكه ، أشبه ما لو ضربه بعصا فمات . وكذلك إن ألقاه مشدودا في موضع لم يعهد وصول زيادة الماء إليه . فأما إن كان في موضع يعلم وصول زيادة الماء إليه في ذلك الوقت ، فمات بها ، فهو عمد محض . وإن كانت غير معلومة ، إما لكونها تحتمل الوجود وعدمه ، أو لا تعهد أصلا ، فهو شبه عمد .