( 6750 ) مسألة : ; قال : ( ومن عفا من ورثة المقتول عن القصاص ، لم يكن إلى القصاص سبيل ، وإن كان العافي زوجا أو زوجة ) أجمع أهل العلم على إجازة
العفو عن القصاص ، وأنه أفضل . والأصل فيه الكتاب والسنة ; أما الكتاب ، فقول الله تعالى في سياق قوله : {
كتب عليكم القصاص في القتلى } {
فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } وقال تعالى {
وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } . إلى قوله : {
والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له } . قيل في تفسيره : فهو كفارة للجاني ، يعفو صاحب الحق عنه . وقيل : فهو كفارة للعافي بصدقته وأما السنة ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=113777ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع إليه شيء فيه قصاص ، إلا أمر فيه بالعفو } رواه
أبو داود .
وفي حديثه في قصة
الربيع بنت النضر ، حين كسرت سن جارية ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقصاص ، فعفا القوم . إذا ثبت هذا ، فالقصاص حق لجميع الورثة من ذوي الأنساب والأسباب ، والرجال والنساء ، والصغار والكبار ، فمن عفا منهم صح عفوه ، وسقط القصاص ، ولم يبق لأحد إليه سبيل . هذا قول أكثر أهل العلم ; منهم
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ،
والحكم ،
وحماد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . وروي معنى ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
والشعبي . وقال
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16438وابن شبرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ،
والأوزاعي : ليس للنساء عفو ، والمشهور عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، أنه موروث للعصبات خاصة . وهو وجه لأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; لأنه ثبت لدفع العار ، فاختص به العصبات . كولاية النكاح .
ولهم وجه ثالث ، أنه لذوي الأنساب دون الزوجين ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37025من قتل له قتيل ، فأهله بين خيرتين ; بين أن يقتلوا أو يأخذوا [ ص: 279 ] العقل } . وأهله ذوو رحمه . وذهب بعض أهل
المدينة إلى أن القصاص لا يسقط بعفو بعض الشركاء ، وقيل : هو رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ; لأن حق غير العافي لا يرضى بإسقاطه ، وقد تؤخذ النفس ببعض النفس ، بدليل قتل الجماعة بالواحد . ولنا ، عموم قوله عليه السلام : " فأهله بين خيرتين " . وهذا عام في جميع أهله ، والمرأة من أهله ، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37635من يعذرني من رجل يبلغني أذاه في أهلي ، وما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي . يريد nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة . وقال له nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة : يا رسول الله ، أهلك ولا نعلم إلا خيرا } .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أتي برجل قتل قتيلا ، فجاء ورثة المقتول ليقتلوه ، فقالت امرأة المقتول ، وهي أخت القاتل : قد عفوت عن حقي . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : الله أكبر ، عتق القتيل . رواه
أبو داود . وفي رواية عن
زيد ، قال : دخل رجل على امرأته ، فوجد عندها رجلا ، فقتلها ، فاستعدى إخوتها
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فقال بعض إخوتها : قد تصدقت . فقضى لسائرهم بالدية . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رفع إليه رجل قتل رجلا ، فجاء أولاد المقتول ، وقد عفا بعضهم ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=10لابن مسعود : ما تقول ؟ قال : إنه قد أحرز من القتل . فضرب على كتفه ، وقال : كنيف ملئ علما .
والدليل على أن القصاص لجميع الورثة ، ما ذكرناه في مسألة القصاص بين الصغير والكبير ، ولأن من ورث الدية ورث القصاص كالعصبة ، فإذا عفا بعضهم ، صح عفوه ، كعفوه عن سائر حقوقه ، وزوال الزوجية لا يمنع استحقاق القصاص ، كما لم يمنع استحقاق الدية ، وسائر حقوقه الموروثة . ومتى ثبت أنه حق مشترك بين جميعهم ، سقط بإسقاط من كان من أهل الإسقاط منهم ; لأن حقه منه له ، فينفذ تصرفه فيه ، فإذا سقط سقط جميعه ; لأنه مما لا يتبعض ، كالطلاق والعتاق ، ولأن القصاص حق مشترك بينهم لا يتبعض ، مبناه على الدرء والإسقاط ، فإذا أسقط بعضهم ، سرى إلى الباقي كالعتق ، والمرأة أحد المستحقين ، فسقط بإسقاطها كالرجل .
ومتى عفا أحدهم ، فللباقين حقهم من الدية سواء عفا مطلقا أو إلى الدية . وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . ولا أعلم لهما مخالفا ممن قال بسقوط القصاص ; وذلك لأن حقه من القصاص سقط بغير رضاه ، فثبت له البدل كما لو ورث القاتل بعض دمه أو مات ، ولما ذكرنا من خبر
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه .