( 6899 ) فصل : وإن
جنى على رأسه جناية ذهب بها بصره ، فعليه ديته ; لأنه ذهب بسبب جنايته ، وإن لم يذهب بها ، فداواها ، فذهب بالمداواة ، فعليه ديته ; لأنه ذهب بسبب فعله . وإن اختلفوا في ذهاب البصر ، رجع إلى اثنين عدلين مسلمين من أهل الخبرة ; لأن لهما طريقا إلى معرفة ذلك ، لمشاهدتهما العين التي هي محل البصر ، ومعرفة بحالها ، بخلاف السمع ، وإن لم يوجد أهل الخبرة ، أو تعذر معرفة ذلك ، اعتبر بأن يوقف في عين الشمس ، ويقرب الشيء من عينه في أوقات غفلته ; فإن طرف عينه ، وخاف من الذي يخوف به ، فهو كاذب ، وإلا حكم له . وإذا علم ذهاب بصره ، وقال أهل الخبرة : لا يرجى عوده . وجبت الدية .
وإن قالوا : يرجى عوده إلى مدة عينوها ، انتظر إليها ، ولم يعط الدية حتى تنقضي المدة ، فإن عاد البصر ، سقطت عن الجاني ، وإن لم يعد ، استقرت الدية . وإن مات المجني عليه قبل العود ، استقرت الدية ، سواء مات في المدة أو بعدها . فإن ادعى الجاني عود بصره قبل موته وأنكر وارثه ، فالقول قول الوارث ; لأن الأصل معه . وإن جاء أجنبي ، فقلع عينه في المدة ، استقرت على الأول الدية أو القصاص ; لأنه أذهب البصر فلم يعد ، وعلى الثاني حكومة ; لأنه أذهب عينا لا ضوء لها ، يرجى عودها . وإن قال الأول : عاد ضوءها . وأنكر الثاني : فالقول قول المنكر ; لأن الأصل معه ، فإن صدق المجني عليه الأول ، سقط حقه عنه ، ولم يقبل قوله على الثاني .
وإن قال أهل الخبرة : يرجى عوده ، لكن لا نعرف له مدة . وجبت الدية أو القصاص ; لأن انتظار ذلك إلى غير غاية يفضي إلى إسقاط موجب الجناية ، والظاهر في البصر عدم العود ، والأصل يؤيده ، فإن عاد قبل استيفاء الواجب سقط ، وإن عاد بعد الاستيفاء ، وجب رد ما أخذ منه ; لأنا تبينا أنه لم يكن واجبا .