صفحة جزء
( 6901 ) فصل : وفي عين الأعور دية كاملة . وبذلك قال الزهري ، ومالك ، والليث ، وقتادة ، وإسحاق . وقال مسروق ، وعبد الله بن مغفل ، والنخعي ، والثوري ، وأبو حنيفة ، والشافعي : فيها نصف الدية ; لقوله عليه السلام : { وفي العين خمسون من الإبل } . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { وفي العينين الدية } . يقتضي أن لا يجب فيهما أكثر من ذلك ، سواء قلعهما واحد ، أو اثنان في وقت واحد ، أو في وقتين ، وقالع الثانية قالع عين أعور ، فلو وجبت عليه دية ، لوجب فيهما دية ونصف ، ولأن ما ضمن بنصف الدية مع بقاء نظيره ، ضمن به مع ذهابه ، كالأذن .

ويحتمل هذا كلام الخرقي ; لقوله : وفي العين الواحدة نصف الدية ولم يفرق . ولنا ، أن عمر ، وعثمان ، وعليا ، وابن عمر ، قضوا في عين الأعور بالدية . ولم نعلم لهم في الصحابة مخالفا ، فيكون إجماعا ، ولأن قلع عين الأعور يتضمن إذهاب البصر كله ، فوجبت الدية ، كما لو أذهبه من العينين ، ودليل ذلك أنه يحصل بها ما يحصل بالعينين ، فإنه يرى الأشياء البعيدة ، ويدرك الأشياء اللطيفة ، ويعمل أعمال البصراء ، ويجوز أن يكون قاضيا وشاهدا ، ويجزئ في الكفارة وفي الأضحية إذا لم تكن العوراء مخسوفة ، فوجب في بصره دية كاملة ، كذا في العينين .

فإن قيل : فلو صح هذا ، لم يجب في إذهاب بصر إحدى العينين نصف الدية ; لأنه لم ينقص . قلنا : لا يلزم من وجوب شيء من دية العينين نقص دية الثاني ; بدليل ما لو جنى عليهما فاحولتا ، أو عمشتا ، أو نقص ضوءهما ، فإنه يجب أرش النقص ، ولا تنقص ديتهما بذلك ، ولأن النقص الحاصل لم يؤثر في تنقيص أحكامه ، ولا هو مضبوط في تفويت النفع ، فلم يؤثر في تنقيص الدية ، كالذي ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية