صفحة جزء
( 6959 ) مسألة : قال : ( وفي اليد الشلاء ثلث ديتها ، وكذلك العين القائمة ، والسن السوداء ) اليد الشلاء : التي ذهب منها منفعة البطش . والعين القائمة : التي ذهب بصرها وصورتها باقية كصورة الصحيحة . واختلفت الرواية عن أحمد فيهما ، وفي السن السوداء ، فعنه ، في كل واحدة ثلث ديتها . روي هذا عن عمر بن الخطاب ، ومجاهد . وبه قال إسحاق .

وعن زيد بن ثابت ، في العين القائمة مائة دينار . والرواية الثالثة عن أحمد ، في كل واحدة حكومة . وهذا قول مسروق ، والزهري ، ومالك ، والشافعي ، وأبي ثور ، والنعمان ، وابن المنذر ; لأنه لا يمكن إيجاب دية كاملة ، لكونها قد ذهبت منفعتها ، ولا مقدر فيها ، فتجب الحكومة فيها ، كاليد الزائدة . ولنا ، ما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في العين القائمة السادة لمكانها بثلث الدية ، وفي اليد الشلاء إذا قطعت ثلث ديتها ، وفي السن السوداء إذا قلعت ثلث ديتها . } رواه النسائي ، وأخرجه أبو داود في العين وحدها مختصرا .

وقول عمر رضي الله عنه رواه قتادة عن خلاس ، عن عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر ، عن ابن عباس ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في العين القائمة إذا خسفت ، واليد الشلاء إذا قطعت ، والسن السوداء إذا كسرت ، ثلث دية كل واحدة منهن . ولأنها كاملة الصورة ، فكان فيها مقدر كالصحيحة ، وقولهم : لا يمكن إيجاب مقدر . ممنوع ; فإنا قد ذكرنا التقدير وبيناه . ( 6960 ) فصل : قال القاضي : قول أحمد ، رحمه الله : في السن السوداء ، ثلث ديتها . محمول على سن ذهبت منفعتها ، بحيث لا يمكنه أن يعض بها الأشياء ، أو كانت تفتتت ، فأما إن كانت منفعتها باقية ، ولم يذهب منها إلا لونها ، ففيها كمال ديتها ، سواء قلت منفعتها ، بأن عجز عن عض الأشياء الصلبة بها أو لم يعجز ; لأنها باقية المنفعة ، فكملت ديتها ، كسائر الأعضاء ، وليس على من سودها إلا حكومة .

وهذا مذهب الشافعي . والصحيح من مذهب أحمد ما يوافق ظاهر كلامه ; لظاهر الأخبار ، وقضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقول أكثر أهل العلم ، ولأنه ذهب جمالها بتسويدها ، فكملت ديتها على من سودها ، كما لو سود وجهه . ولم يجب على متلفها أكثر من ثلث ديتها كاليد الشلاء وكالسن إذا كانت بيضاء فانقلعت ، ونبت مكانها سوداء ، لمرض فيها ، فإن القاضي وأصحاب الشافعي ، سلموا أنها لا تكمل ديتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية