صفحة جزء
( 6983 ) مسألة ; قال : ( فإن جرحه في جوفه ، فخرج من الجانب الآخر ، فهما جائفتان ) هذا قول أكثر أهل العلم ; منهم عطاء ، ومجاهد ، وقتادة ، ومالك ، والشافعي ، وأصحاب الرأي . قال ابن عبد البر : لا أعلمهم يختلفون في ذلك . وحكي عن بعض أصحاب الشافعي ، أنه قال : هي جائفة واحدة . وحكي أيضا عن أبي حنيفة ; لأن الجائفة هي التي تنفذ من ظاهر البدن إلى الجوف ، وهذه الثانية إنما نفذت من الباطن إلى الظاهر .

ولنا ، ما روى سعيد بن المسيب ، أن رجلا رمى رجلا بسهم ، فأنفذه ، فقضى أبو بكر رضي الله عنه بثلثي الدية . ولا مخالف له ، فيكون إجماعا . أخرجه سعيد بن منصور في " سننه " . وروي عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن عمر رضي الله عنه قضى في الجائفة إذا نفذت الجوف ، بأرش جائفتين . لأنه أنفذه من موضعين ، فكان جائفتين كما لو أنفذه بضربتين . وما ذكروه غير صحيح ، فإن الاعتبار بوصول الجرح إلى الجوف ، لا بكيفية إيصاله ، إذ لا أثر لصورة الفعل مع التساوي في المعنى ، ولأن ما ذكروه من الكيفية ليس بمذكور في خبر ، وإنما العادة في الغالب وقوع الجائفة هكذا ، فلا يعتبر ، كما أن العادة في الغالب حصولها بالحديد ، ولو حصلت بغيره لكانت جائفة . ثم ينتقض ما ذكروه بما لو أدخل يده في جائفة إنسان ، فخرق بطنه من موضع آخر ، فإنه يلزمه أرش جائفة بغير خلاف نعلمه . وكذلك يخرج فيمن أوضح إنسانا في رأسه ، ثم أخرج رأس السكين من موضع آخر ، فهي موضحتان . فإن هشمه هاشمة لها مخرجان ، فهي هاشمتان . وكذلك ما أشبهه .

التالي السابق


الخدمات العلمية