( 7088 ) الفصل الخامس : أن مفهوم كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي ، أنه إذا
تاب قبلت توبته ، ولم يقتل ، أي كفر كان ، وسواء كان زنديقا يستسر بالكفر ، أو لم يكن . وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
والعنبري . ويروى ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، وهو إحدى الروايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، واختيار
nindex.php?page=showalam&ids=14242أبي بكر الخلال ، وقال : إنه أولى على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبي عبد الله . والرواية الأخرى ، لا تقبل
توبة الزنديق ، ومن تكررت ردته . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ،
وإسحاق . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة روايتان ، كهاتين ، واختار
أبو بكر أنه لا تقبل توبة الزنديق ; لقول الله تعالى : {
إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا } .
والزنديق لا تظهر منه علامة تبين رجوعه وتوبته ; لأنه كان مظهرا للإسلام ، مسرا للكفر ، فإذا وقف على ذلك ، فأظهر التوبة ، لم يزد على ما كان منه قبلها ، وهو إظهار الإسلام ، وأما من تكررت ردته ، فقد قال الله تعالى : {
إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا } . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم بإسناده عن
ظبيان بن عمارة أن رجلا من
بني سعد مر على
مسجد بني حنيفة ، فإذا هم يقرءون برجز
مسيلمة ، فرجع إلى
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، فذكر ذلك له ، فبعث إليهم ، فأتي بهم ، فاستتابهم ، فتابوا ، فخلى سبيلهم ، إلا رجلا منهم يقال له
ابن النواحة . قال : قد أتيت بك مرة ، فزعمت أنك قد تبت ، وأراك قد عدت . فقتله .
ووجه الرواية الأولى ، قول الله تعالى : {
قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } . وروي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5461أن رجلا سار رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يدر ما ساره به ، حتى جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يستأذنه في قتل رجل من المسلمين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أليس يشهد أن لا إله إلا الله ؟ . قال : بلى ، ولا شهادة له . قال : أليس يصلي ؟ . قال : [ ص: 19 ] بلى ، ولا صلاة له . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أولئك الذين نهاني الله عن قتلهم } .
وقد قال الله تعالى : {
إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا } . وروي أن
مخشي بن حمير كان في النفر الذين أنزل الله فيهم : {
ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب } . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وتاب إلى الله تعالى ، فقبل الله توبته ، وهو الطائفة التي عنى الله تعالى بقوله : {
إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة } فهو الذي عفا الله عنه ، وسأل الله تعالى ، أن يقتل في سبيله ، ولا يعلم بمكانه ، فقتل يوم
اليمامة ، ولم يعلم موضعه . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كف عن المنافقين بما أظهروا من الشهادة ، مع إخبار الله تعالى له بباطنهم ، بقوله تعالى : {
ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون } وغيرها من الآيات . وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود حجة في قبول توبتهم ، مع استسرارهم بكفرهم .
وأما قتله
ابن النواحة ، فيحتمل أنه قتله لظهور كذبه في توبته ; لأنه أظهرها ، وتبين أنه ما زال عما كان عليه من كفره . ويحتمل أنه قتله لقول النبي صلى الله عليه وسلم له حين جاء رسولا
لمسيلمة : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32317لولا أن الرسل لا تقتل ، لقتلتك } فقتله تحقيقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روي أنه قتله لذلك . وفي الجملة ، فالخلاف بين الأئمة في قبول توبتهم في الظاهر من أحكام الدنيا . من ترك قتلهم ، وثبوت أحكام الإسلام في حقهم ; وأما قبول الله تعالى لها في الباطن ، وغفرانه لمن تاب وأقلع ظاهرا أم باطنا ، فلا خلاف فيه ، فإن الله تعالى قال في المنافقين : {
إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما }