( 7118 ) مسألة : قال : ( ومن ارتد وهو سكران ، لم يقتل حتى يفيق ، ويتم له ثلاثة أيام من وقت ردته ، فإن مات في سكره ، مات كافرا ) اختلفت الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، في
ردة السكران ; فروي عنه أنها تصح . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب : وهو أظهر الروايتين عنه . وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وعنه ، لا يصح . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ; لأن ذلك يتعلق بالاعتقاد والقصد ، والسكران لا يصح عقده ولا قصده ، فأشبه المعتوه ، ولأنه زائل العقل ، فلم تصح ردته كالنائم ، ولأنه غير مكلف ، فلم تصح ردته كالمجنون . والدليل على أنه غير مكلف ، أن العقل شرط في التكليف ، وهو معدوم في حقه ، ولهذا لم تصح استتابته .
[ ص: 32 ]
ولنا ، أن الصحابة رضي الله عنهم ، قالوا في السكران : إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، فحدوه حد المفتري . فأوجبوا عليه حد الفرية التي يأتي بها في سكره ، وأقاموا مظنتها مقامها ، ولأنه يصح طلاقه ، فصحت ردته كالصاحي . وقولهم " ليس بمكلف " ممنوع فإن الصلاة واجبة عليه ، وكذلك سائر أركان الإسلام ، ويأثم بفعل المحرمات . وهذا معنى التكليف ، ولأن السكران لا يزول عقله بالكلية ، ولهذا يتقي المحذورات ، ويفرح بما يسره ، ويساء بما يضره ، ويزول سكره عن قرب من الزمان ، فأشبه الناعس ، بخلاف النائم والمجنون ، وأما استتابته فتؤخر إلى حين صحوه ، ليكمل عقله ، ويفهم ما يقال له ، وتزال شبهته إن كان قد قال الكفر معتقدا له ، كما تؤخر استتابته إلى حين زوال شدة عطشه وجوعه ، ويؤخر الصبي إلى حين بلوغه وكمال عقله ، ولأن القتل جعل للزجر ، ولا يحصل الزجر في حال سكره .
وإن قتله قاتل في حال سكره لم يضمنه ; لأن عصمته زالت بردته . وإن مات أو قتل ، لم يرثه ورثته ، ولا يقتله حتى يتم له ثلاثة أيام ، ابتداؤها من حين ارتد ، فإن استمر سكره أكثر من ثلاث ، لم يقبل حتى يصحو ، ثم يستتاب عقيب صحوه ، فإن تاب وإلا قتل في الحال . وإن أسلم في سكره صح إسلامه ، ثم يسأل بعد صحوه ، فإن ثبت على إسلامه ، فهو مسلم من حين أسلم ; لأن إسلامه صحيح ، وإن كفر فهو كافر من الآن ; لأن إسلامه صح ، وإنما يسأل استظهارا ، وإن مات بعد إسلامه في سكره ، مات مسلما .