صفحة جزء
( 7223 ) فصل : واختلفت الرواية عن أحمد ، في التعريض بالقذف ، مثل أن يقول لمن يخاصمه : ما أنت بزان ، ما يعرفك الناس بالزنا ، يا حلال ابن الحلال . أو يقول : ما أنا بزان ، لا أمي بزانية . فروى عنه حنبل : لا حد عليه ، وهو ظاهر كلام الخرقي ، واختيار أبي بكر . وبه قال عطاء ، وعمرو بن دينار ، وقتادة ، والثوري ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي ، وابن المنذر ; لما روي أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن امرأتي ولدت غلاما أسود يعرض بنفيه ، فلم يلزمه بذلك حد ولا غيره . وقد فرق الله تعالى بين التعريض بالخطبة والتصريح بها ، فأباح التعريض في العدة ، وحرم التصريح ، فكذلك في القذف ; ولأن كل كلام يحتمل معنيين لم يكن قذفا ، كقوله : يا فاسق . وروى الأثرم وغيره عن أحمد ، أن عليه الحد .

وروي ذلك عن عمر ، رضي الله عنه . وبه قال إسحاق ; لأن عمر حين شاورهم في الذي قال لصاحبه : ما أنا بزان ، ولا أمي بزانية . فقالوا : قد مدح أباه وأمه . فقال عمر : قد عرض بصاحبه . فجلده الحد . وقال معمر : إن عمر كان يجلد الحد في التعريض .

وروى الأثرم ، أن عثمان جلد رجلا قال لآخر : يا ابن شامة الوذر . يعرض له بزنا أمه . والوذر : قدر اللحم . يعرض له بكمر الرجال ولأن الكناية مع القرينة الصارفة إلى أحد محتملاتها ، كالصريح الذي لا يحتمل إلا ذلك المعنى ، ولذلك وقع الطلاق بالكناية ، فإن لم يكن ذلك في حال الخصومة ، ولا وجدت قرينة تصرف إلى القذف ، فلا شك في أنه لا يجوز قذفا .

وذكر أبو الخطاب من صور التعريض ، أن يقول لزوجة آخر : قد فضحته ، وغطيت رأسه ، وجعلت له قرونا ، وعلقت عليه أولادا من غيره ، وأفسدت فراشه ، ونكست رأسه . وذكر في جميع ذلك روايتين . وذكر أبو بكر عبد العزيز ، أن أبا عبد الله رجع عن القول بوجوب الحد في التعريض .

التالي السابق


الخدمات العلمية