صفحة جزء
( 7261 ) فصل : وإذا سرق من الحمام ، ولا حافظ فيه ، فلا قطع عليه ، في قول عامتهم ، وإن كان ثم حافظ . فقال أحمد : ليس على سارق الحمام قطع . وقال في رواية ابن منصور : لا يقطع سارق الحمام ، إلا أن يكون على المتاع قاعد ، مثل ما صنع بصفوان . وهذا قول أبي حنيفة ; لأنه مأذون للناس في دخوله ، فجرى مجرى سرقة الضيف من البيت المأذون له في دخوله ; ولأن دخول الناس إليه يكثر ، فلا يتمكن الحافظ من حفظ ما فيه .

قال القاضي : وفيه رواية أخرى : أنه يجب القطع إذا كان فيه حافظ . وهو قول مالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وابن المنذر ; لأنه متاع له حافظ ، فيجب قطع سارقه ، كما لو كان في بيت . والأول أصح . وهذا يفارق ما في البيت من الوجهين اللذين ذكرناهما .

فأما إن كان صاحب الثياب قاعدا عليها ، أو متوسدا لها ، أو جالسا وهي بين يديه يحفظها ، قطع سارقها بكل حال ، كما قطع سارق رداء صفوان من المسجد ، وهو متوسد له . وكذلك إن كان نائب صاحب الثياب ، إما الحمامي وإما غيره حافظا لها على هذا الوجه ، قطع سارقها ; لأنها محرزة .

وإن لم تكن كذلك ، فقال القاضي : إن نزع الداخل ثيابه ، على ما جرت به العادة ، ولم يستحفظها لأحد فلا قطع على سارقها ، ولا غرم على الحمامي ; لأنه غير مودع فيضمن ، ولا هي محرزة فيقطع سارقها ، وإن استحفظها الحمامي ، فهو مودع يلزمه مراعاتها بالنظر والحفظ ، فإن تشاغل عنها ، أو ترك النظر إليها ، فسرقت ، فعليه الغرم لتفريطه ، ولا قطع على السارق ; لأنه لم يسرق من حرز . وإن تعاهدها الحمامي بالحفظ والنظر ، فسرقت ، فلا غرم عليه ; لعدم تفريطه ، وعلى السارق القطع ; لأنها محرزة . وهذا مذهب الشافعي . وظاهر مذهب أحمد أنه لا قطع عليه في هذه الصورة ; لما تقدم . قال ابن المنذر : قال أحمد : أرجو أن لا قطع عليه ; لأنه مأذون للناس في دخوله . ولو استحفظ رجل آخر متاعه في المسجد ، فسرق ، فإن كان قد فرط في مراعاته ونظره إليه ، فعليه الغرم إذا كان التزم حفظه ، وأجابه إلى ما سأله ، وإن لم يجبه ، لكن سكت ، لم يلزمه غرم ; لأنه ما قبل الاستيداع ، ولا قبض المتاع ، ولا قطع على السارق في الموضعين ; لأنه غير محرز .

وإن حفظ المتاع بنظره إليه ، وقربه منه ، فسرق فلا غرم عليه ، وعلى السارق القطع ; لأنه سرق من حرز . ويفارق المتاع في الحمام ، فإن الحفظ فيه غير ممكن ; لأن الناس يضع بعضهم ثيابه عند ثياب بعض ويشتبه على الحمامي صاحب الثياب ، فلا يمكنه منع أخذها ; لعدم علمه بمالكها .

التالي السابق


الخدمات العلمية