صفحة جزء
وأما العبد إذا سرق من مال سيده ، فلا قطع عليه ، في قولهم ، جميعا ، ووافقهم أبو ثور فيه . وحكي عن داود أنه يقطع ; لعموم الآية . ولنا ما روى السائب بن يزيد قال : شهدت عمر بن الخطاب ، وقد جاءه عبد الله بن عمرو بن الحضرمي بغلام له ، فقال : إن غلامي هذا سرق ، فاقطع يده . فقال عمر : ما سرق ؟ قال : سرق مرآة امرأتي ، ثمنها ستون درهما . فقال : أرسله ، لا قطع عليه ، خادمكم أخذ متاعكم . ولكنه لو سرق من غيره قطع . وفي لفظ قال : مالكم سرق بعضه بعضا ، لا قطع عليه . رواه سعيد . وعن ابن مسعود ، أن رجلا جاءه ، فقال : عبد لي سرق قباء لعبد لي آخر . فقال : لا قطع ، مالك سرق مالك . وهذه قضايا تشتهر ، ولم يخالفها أحد ، فتكون إجماعا ، وهذا يخص عموم الآية ; ولأن هذا إجماع من أهل العلم ; لأنه قول من سمينا من الأئمة ، ولم يخالفهم في عصرهم أحد ، فلا يجوز خلافه بقول من بعدهم ، كما لا يجوز ترك إجماع الصحابة بقول واحد من التابعين ( 7301 ) فصل : والمدبر ، وأم الولد ، والمكاتب ، كالقن في هذا . وبه قال الثوري ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي .

ولا يقطع سيد المكاتب بسرقة ماله ; لأنه عبد ما بقي عليه درهم . وكل من لا يقطع الإنسان بسرقة ماله ، لا يقطع عبده بسرقة ماله ، كآبائه ، وأولاده ، وغيرهم . وهذا قول أصحاب الرأي ، والشافعي ، كل على أصله . وقال أبو ثور : يقطع بسرقة مال من عدا سيده . ونحوه قول مالك ، وابن المنذر . ولنا حديث عمر رضي الله عنه ; ولأن مالهم ينزل منزلة ماله في قطعه ، فكذلك في قطع عبده .

التالي السابق


الخدمات العلمية