صفحة جزء
( 7544 ) فصل : قال القاضي : يملك الكفار أموال المسلمين بالقهر . وهو قول مالك ، وأبي حنيفة . وقال أبو الخطاب : لا يملكونها . وهو قول الشافعي . قال : وهو ظاهر كلام أحمد ، حيث قال : إن أدركه صاحبه قبل القسمة ; فهو أحق به . وإنما منعه أخذه بعد قسمه ، لأن قسمة الإمام له تجري مجرى الحكم ، ومتى صادف الحكم أمرا مجتهدا فيه ، نفذ حكمه .

وحكي عن أحمد في ذلك روايتان ، واحتج من قال : لا يملكونها بحديث ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه مال معصوم ، طرأت عليه يد عادية ، فلم يملك بها ، كالغصب ، ولأن من لا يملك رقبة غيره بالقهر ، لم يملك ماله به ، كالمسلم مع المسلم . ووجه الأول ، أن القهر سبب يملك به المسلم مال الكافر ، فملك به الكافر مال المسلم ، كالبيع . فأما الناقة ، فإنما أخذها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أدركها غير مقسومة ولا مشتراة . فعلى هذا ، يملكونها قبل حيازتها إلى دار الكفر .

وهو قول مالك . وذكر القاضي أنهم إنما يملكونها بالحيازة إلى دارهم . وهو قول أبي حنيفة . وحكي في ذلك عن أحمد روايتان . ووجه الأول ، أن الاستيلاء سبب للملك ، فيثبت قبل الحيازة إلى الدار ، كاستيلاء المسلمين على مال الكفار ، ولأن ما كان سببا للملك ، أثبته حيث وجد ، كالهبة والبيع .

وفائدة الخلاف في ثبوت الملك وعدمه ، أن من أثبت الملك للكفار في أموال المسلمين ، أباح للمسلمين إذا ظهروا عليها قسمتها ، والتصرف فيها ، ما لم يعلموا صاحبها ، وأن الكافر إذا أسلم وهي في يده ، فهو أحق بها .

ومن لم يثبت الملك ، اقتضى مذهبه عكس ذلك . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية