صفحة جزء
الشرط الخامس ، أن لا يأكل من الصيد فإن أكل منه ، لم يبح ، في أصح الروايتين . ويروى ذلك عن ابن عباس ، وأبي هريرة . وبه قال عطاء ، وطاوس ، وعبيد بن عمير ، والشعبي ، والنخعي ، وسويد بن غفلة ، وأبو بردة ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، والضحاك ، وقتادة ، وإسحاق ، وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور . والرواية الثانية : يباح .

وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص ، وسلمان ، وأبي هريرة ، وابن عمر . حكاه عنهم الإمام أحمد . وبه قال مالك . وللشافعي قولان ، كالمذهبين . واحتج من أباحه بعموم قوله تعالى { فكلوا مما أمسكن عليكم } .

وحديث أبي ثعلبة ، ولأنه صيد جارح معلم ، فأبيح ، كما لو لم يأكل . فإن الأكل يحتمل أن يكون لفرط جوع أو غيظ على الصيد . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عدي بن حاتم : { إذا أرسلت كلبك المعلم ، وذكرت اسم الله تعالى ، فكل مما أمسك عليك . قلت : وإن قتل ؟ قال : وإن قتل ، إلا أن يأكل الكلب فإن أكل ، فلا تأكل ، فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه } . متفق عليه .

ولأن ما كان شرطا في الصيد الأول ، كان شرطا في سائر صيوده ، كالإرسال والتعليم . وأما الآية فلا تتناول هذا الصيد ; فإنه قال : { فكلوا مما أمسكن عليكم } . وهذا إنما أمسك على نفسه . وأما حديث أبي ثعلبة ، فقد قال أحمد : يختلفون عن هشيم فيه . وعلى أن حديثنا أصح ; لأنه متفق عليه وعدي بن حاتم أضبط ، ولفظه أبين ; لأنه ذكر الحكم والعلة .

قال أحمد : حديث الشعبي عن عدي ، من أصح ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم والشعبي يقول : كان جاري وربيطي ، فحدثني . والعمل عليه . ويحتمل أنه أكل منه بعد أن قتله وانصرف عنه ، وإذا ثبت هذا فإذا لا يحرم ما تقدم من صيوده ، في قول أكثر أهل العلم . وقال أبو حنيفة : يحرم ; لأنه لو كان معلما ما أكل [ ص: 296 ]

ولنا ، عموم الآية والأخبار ، وإنما خص منه ما أكل منه ، ففيما عداه يجب القضاء بالعموم ، ولأن اجتماع شروط التعليم حاصلة ، فوجب الحكم به ، ولهذا حكمنا بحل صيده ، فإذا وجد الأكل ، احتمل أن يكون لنسيان ، أو لفرط جوعه ، أو نسي التعليم ، فلا يترك ما ثبت يقينا بالاحتمال .

( 7706 ) فصل : فإن شرب دمه ، ولم يأكل منه

، لم يحرم . نص عليه أحمد . وبه قال عطاء ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي . وكرهه الشعبي ، والثوري ; لأنه في معنى الأكل .

ولنا ، عموم الآية والأخبار ، وإنما خرج منه ما أكل منه بحديث عدي : " فإن أكل منه ، فلا تأكل " . وهذا لم يأكل ، ولأن الدم لا يقصده الصائد منه ، ولا ينتفع به ، فلا يخرج بشربه عن أن يكون ممسكا على صائده .

( 7707 ) فصل : ولا يحرم ما صاده الكلب بعد الصيد الذي أكل منه .

ويحتمل كلام الخرقي أنه يخرج عن أن يكون معلما ، فتعتبر له شروط التعليم ابتداء . والأول أولى ; لما ذكرنا في صيده الذي قبل الأكل .

التالي السابق


الخدمات العلمية