صفحة جزء
[ ص: 345 ] كتاب الأضاحي : الأصل في مشروعية الأضحية الكتاب والسنة والإجماع . أما الكتاب : فقول الله سبحانه : { فصل لربك وانحر } . قال بعض أهل التفسير : المراد به الأضحية بعد صلاة العيد . وأما السنة : فما روى أنس ، قال : { ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده ، وسمى ، وكبر ، ووضع رجله على صفاحهما } . متفق عليه .

والأملح : الذي فيه بياض وسواد ، وبياضه أغلب . قاله الكسائي . وقال ابن الأعرابي : هو النقي البياض . قال الشاعر :

حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا أملح لا لدا ولا محببا

وأجمع المسلمون على مشروعية الأضحية . ( 7851 ) مسألة : قال : والأضحية سنة ، لا يستحب تركها لمن يقدر عليها ، أكثر أهل العلم يرون الأضحية سنة مؤكدة غير واجبة .

روي ذلك عن أبي بكر وعمر وبلال وأبي مسعود البدري رضي الله عنهم ، وبه قال سويد بن غفلة وسعيد بن المسيب وعلقمة والأسود وعطاء والشافعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر . وقال ربيعة ومالك والثوري والأوزاعي والليث وأبو حنيفة : هي واجبة ; لما روى أبو هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من كان له سعة ، ولم يضح ، فلا يقربن مصلانا } .

وعن مخنف بن سليم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : يا أيها الناس ، إن على كل أهل بيت ، في كل عام ، أضحاة وعتيرة } . ولنا ما روى الدارقطني ، بإسناده عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : ثلاث كتبت علي ، وهن لكم تطوع } . وفي رواية { : الوتر ، والنحر ، وركعتا الفجر } .

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : من أراد أن يضحي ، فدخل العشر ، فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئا } . رواه مسلم . علقه على الإرادة ، والواجب لا يعلق على الإرادة ; ولأنها ذبيحة لم يجب تفريق لحمها ، فلم تكن واجبة ، كالعقيقة ، فأما حديثهم فقد ضعفه أصحاب الحديث ، ثم نحمله على تأكيد الاستحباب ، كما قال { : غسل الجمعة واجب على كل محتلم } . وقال { من أكل من هاتين الشجرتين ، فلا يقربن مصلانا } .

وقد روي عن أحمد ، في اليتيم : يضحي عنه وليه إذا كان موسرا . وهذا على سبيل التوسعة في يوم العيد ، لا على سبيل الإيجاب .

( 7852 ) فصل : والأضحية أفضل من الصدقة بقيمتها . نص عليه أحمد . وبهذا قال ربيعة وأبو الزناد .

وروي عن بلال ، أنه قال : ما أبالي أن لا أضحي إلا بديك ، ولأن أضعه في يتيم قد ترب فوه ، فهو أحب إلي من أن أضحي . وبهذا قال الشعبي وأبو ثور . وقالت عائشة : لأن أتصدق بخاتمي هذا أحب إلي من أن أهدي إلى البيت ألفا . ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى والخلفاء بعده ، ولو علموا أن الصدقة أفضل ، لعدلوا إليها .

وروت عائشة ، أن النبي [ ص: 346 ] صلى الله عليه وسلم قال { : ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من إراقة دم ، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها ، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض ، فطيبوا بها نفسا } . رواه ابن ماجه .

ولأن إيثار الصدقة على الأضحية يفضي إلى ترك سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأما قول عائشة ، فهو في الهدي دون الأضحية ، وليس الخلاف فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية