( 7914 ) فصل : ويشترط في
المسابقة بالحيوان تحديد المسافة ، وأن يكون لابتداء عدوهما وآخره غاية لا يختلفان فيها ; لأن الغرض معرفة أسبقهما ، ولا يعلم ذلك إلا بتساويهما في الغاية ، ولأن أحدهما قد يكون مقصرا في أول عدوه ، سريعا في انتهائه ، وقد يكون بضد ذلك ، فيحتاج إلى غاية تجمع حاليه ، ومن الخيل ما هو أصبر ، والقارح أصبر من غيره . وقد روى
ابن عمر ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5746أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبق بين الخيل ، وفضل القرح في الغاية } . رواه
أبو داود . وسبق بين الخيل المضمرة من
الحفياء إلى
ثنية الوداع ، وذلك ستة أميال أو سبعة ، وبين التي لم تضمر من
الثنية إلى مسجد
بني زريق ، وذلك ميل أو نحوه .
فإن
استبقا بغير غاية ، لينظر أيهما يقف أولا ، لم يجز ; لأنه يؤدي إلى أن لا يقف أحدهما حتى ينقطع فرسه ، ويتعذر الإشهاد على السبق فيه
. ويشترط في المسابقة إرسال الفرسين أو البعيرين دفعة واحدة ، فإن أرسل أحدهما قبل الآخر ، ليعلم هل يدركه الآخر أو لا لم يجز هذا في المسابقة بعوض ; لأنه قد لا يدركه مع كونه أسرع منه ، لبعد المسافة بينهما . ويكون عند أول المسافة من يشاهد إرسالهما ، ويرتبهما ، وعند الغاية من يضبط السابق منهما ; لئلا يختلفا في ذلك .
ويحصل السبق في الخيل بالرأس إذا تماثلت الأعناق ، فإن اختلفا في طول العنق ، أو كان ذلك في الإبل ، اعتبر السبق بالكتف ; لأن الاعتبار بالرأس متعذر ، فإن طويل العنق قد يسبق رأسه لطول عنقه ، لا لسرعة عدوه . وفي الإبل ما يرفع رأسه ، وفيها ما يمد عنقه ، فربما سبق رأسه لمد عنقه ، لا لسبقه ، فلذلك اعتبرنا الكتف ، فإن سبق رأس قصير العنق فهو سابق ; لأن من ضرورة ذلك كونه سابقا ، وإن سبق طويل العنق بأكثر مما بينهما في طول العنق ، فقد سبق ، وإن كان بقدره لم يسبقه ، وإن كان أقل ، فالآخر السابق . ونحو هذا كله قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : إذا سبق أحدهما بالأذن كان سابقا . ولا يصح ; لأن أحدهما قد يرفع رأسه ويمد الآخر عنقه ، فيكون سابقا بأذنه لذلك لا لسبقه . وإن
شرطا السبق بأقدام معلومة ، كثلاثة أو أكثر أو أقل ، لم يصح . وقال بعض أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يصح ، ويتخاطان ذلك ، كما في الرمي . وليس بصحيح ; لأن هذا لا ينضبط ، ولا يقف الفرسان عند الغاية ، بحيث يعرف مساحة ما بينهما .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، بإسناده عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3722، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي قد جعلت لك هذه السبقة بين الناس } . فخرج
nindex.php?page=showalam&ids=8علي فدعا
سراقة بن مالك ، فقال : يا
سراقة ، إني قد جعلت إليك ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم في عنقي من هذه السبقة في عنقك ، فإذا أتيت الميطان - قال
أبو عبد الرحمن الميطان مرسلها من الغاية - فصف الخيل ، ثم ناد : هل من مصلح للجام ، أو حامل لغلام ، أو طارح لجل . فإذا لم يجبك أحد ، فكبر ثلاثا ، ثم خلها عند الثالثة ، فيسعد الله بسبقه من شاء من خلقه . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=8علي يقعد على منتهى الغاية يخط خطا ، ويقيم رجلين متقابلين عند طرف الخط طرفيه بين إبهامي أرجلهما ، وتمر الخيل بين الرجلين ، ويقول لهما : إذا خرج أحد الفرسين على صاحبه بطرف أذنيه ، أو أذن ، أو عذار
[ ص: 374 ] فاجعلا السبقة له ، فإن شككتما ، فاجعلوا سبقهما نصفين ، فإذا قرنتم ثنتين ، فاجعلا الغاية من غاية أصغر الثنتين ، ولا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام . وهذا الأدب الذي ذكره في هذا الحديث ، في ابتداء الإرسال وانتهاء الغاية ، من أحسن ما قيل في هذا ، وهو مروي عن أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه في قضية أمره بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفوضها إليه ، فينبغي أن تتبع ، ويعمل بها .