( 8231 ) مسألة ; قال : (
وإذا نزل به الأمر المشكل عليه مثله ، شاور فيه أهل العلم والأمانة ) وجملته أن الحاكم إذا حضرته قضية تبين له حكمها في كتاب الله تعالى ، أو سنة رسوله ، أو إجماع ، أو قياس جلي ، حكم ولم يحتج إلى رأي غيره ; {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32679لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=32لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : بم تحكم ؟ قال : بكتاب الله . قال : فإن لم تجد ؟ . قال : بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فإن لم تجد ؟ . قال : أجتهد رأيي ، ولا آلو . قال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم } .
وإن احتاج إلى الاجتهاد ، استحب له أن يشاور ; لقول الله تعالى : {
وشاورهم في الأمر } . قال
الحسن : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لغنيا عن مشاورتهم ، وإنما أراد أن يستن بذلك الحكام بعده . وقد شاور النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في أسارى
بدر ، وفي مصالحة الكفار يوم
الخندق ، وفي لقاء الكفار يوم
بدر . وروي : ما كان أحد أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم . وشاور
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الناس في ميراث الجدة ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر في
[ ص: 100 ] دية الجنين ، وشاور الصحابة في حد الخمر .
وروي : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كان يكون عنده جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم
عثمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=55وطلحة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف ، إذا نزل به الأمر شاورهم فيه . ولا مخالف في استحباب ذلك ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : لما ولي
nindex.php?page=showalam&ids=15975سعد بن إبراهيم قضاء
المدينة ، كان يجلس بين
القاسم وسالم يشاورهما ، وولي
nindex.php?page=showalam&ids=16883محارب بن دثار قضاء
الكوفة ، فكان يجلس بين
الحكم وحماد يشاورهما ، ما أحسن هذا لو كان الحكام يفعلونه ، يشاورون وينتظرون . ولأنه قد ينتبه بالمشاورة ، ويتذكر ما نسيه بالمذاكرة ، ولأن الإحاطة بجميع العلوم متعذرة . وقد ينتبه لإصابة الحق ومعرفة الحادثة من هو دون القاضي ، فكيف بمن يساويه أو يزيد عليه ، فقد روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق رضي الله عنه ، جاءته الجدتان ، فورث أم الأم ، وأسقط أم الأب ، فقال له
عبد الرحمن بن سهل : يا خليفة رسول الله ، لقد أسقطت التي لو ماتت ورثها ، وورثت التي لو ماتت لم يرثها . فرجع
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ، فأشرك بينهما .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16670عمر بن شبة ، عن
الشعبي أن
كعب بن سوار ، كان جالسا عند
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فجاءته امرأة ، فقالت : يا أمير المؤمنين ، ما رأيت رجلا قط أفضل من زوجي ، والله إنه ليبيت ليله قائما ، ويظل نهاره صائما في اليوم الحار ما يفطر . فاستغفر لها ، وأثنى عليها ، وقال : مثلك أثنى الخير . قال : واستحيت المرأة فقامت راجعة ، فقال
كعب : يا أمير المؤمنين هلا أعديت المرأة على زوجها ؟ قال : وما شكت ؟ قال : شكت زوجها أشد الشكاية . قال : أو ذاك أرادت ؟ قال : نعم . قال : ردوا علي المرأة . فقال : لا بأس بالحق أن تقوليه ، إن هذا زعم أنك جئت تشكين زوجك ، أنه يجتنب فراشك . قالت : أجل ، إني امرأة شابة ، وإني لأبتغي ما يبتغي النساء . فأرسل إلى زوجها ، فجاء ، فقال
لكعب : اقض بينهما . قال : أمير المؤمنين أحق أن يقضي بينهما . قال : عزمت عليك لتقضين بينهما ، فإنك فهمت من أمرهما ما لم أفهم . قال : فإني أرى كأنها عليها ثلاث نسوة ، هي رابعتهن ، فأقضي له بثلاثة أيام بلياليهن يتعبد فيهن ، ولها يوم وليلة . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : والله ما رأيك الأول أعجب إلي من الآخر ، اذهب فأنت قاض على
البصرة .
إذا ثبت هذا ، فإنه
يشاور أهل العلم والأمانة ; لأن من ليس كذلك فلا قول له في الحادثة ، ولا يسكن إلى قوله .
قال
سفيان : وليكن أهل مشورتك أهل التقوى وأهل الأمانة . ويشاور الموافقين والمخالفين ، ويسألهم عن حجتهم ، ليبين له الحق . ( 8232 ) فصل : والمشاورة هاهنا لاستخراج الأدلة ، ويعرف الحق بالاجتهاد ، ولا يجوز أن يقلد غيره ، ويحكم بقول سواه ، سواء ظهر له الحق فخالفه غيره فيه ، أو لم يظهر له شيء ، وسواء ضاق الوقت ، أو لم يضق . وكذلك ليس للمفتي الفتيا بالتقليد .
وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : إذا
كان الحاكم من أهل الاجتهاد ، جاز له ترك رأيه لرأي من هو أفقه منه عنده إذا صار إليه ، فهو ضرب من الاجتهاد . ولأنه يعتقد أنه أعرف منه بطريق الاجتهاد . ولنا ، أنه من أهل الاجتهاد ، فلم يجز له تقليد غيره ، كما لو كان مثله ، كالمجتهدين في القبلة ، وما ذكره ليس بصحيح ; فإن من هو أفقه منه يجوز عليه الخطأ ، فإذا اعتقد أن ما قاله خطأ ، لم يجز له أن يعمل به ، وإن كان لم يبن له الحق ، فلا يجوز له أن يحكم بما يجوز أن يبين له خطؤه إذا اجتهد .