صفحة جزء
( 8267 ) مسألة ; قال : ( ولا يقبل هدية من لم يكن يهدي إليه قبل ولايته ) وذلك لأن الهدية يقصد بها في الغالب استمالة قلبه ، ليعتني به في الحكم ، فتشبه الرشوة . قال مسروق : إذا قبل القاضي الهدية ، أكل السحت ، وإذا قبل الرشوة ، بلغت به الكفر .

وقد روى أبو حميد الساعدي ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد ، يقال له ابن اللتبية على الصدقة ، فقال : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي . فقام النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله ، وأثنى [ ص: 118 ] عليه ، ثم قال : { ما بال العامل نبعثه ، فيجيء فيقول : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي ، ألا جلس في بيت أمه ، فينظر أيهدى إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده ، لا نبعث أحدا منكم ، فيأخذ شيئا ، إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته ، إن كان بعيرا له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر . فرفع يديه حتى رأيت عفرة إبطيه ، فقال : اللهم هل بلغت ثلاثا ؟ } متفق عليه .

ولأن حدوث الهدية عند حدوث الولاية يدل على أنها من أجلها ، ليتوسل بها إلى ميل الحاكم معه على خصمه ، فلم يجز قبولها منه كالرشوة ، فأما إن كان يهدي إليه قبل ولايته ، جاز قبولها منه بعد الولاية ; لأنها لم تكن من أجل الولاية ; لوجود سببها قبل الولاية ، بدليل وجودها قبلها . قال القاضي : ويستحب له التنزه عنها . وإن أحس أنه يقدمها بين يدي خصومه ، أو فعلها حال الحكومة ، حرم أخذها في هذه الحال ; لأنها كالرشوة . وهذا كله مذهب الشافعي .

وروي عن أبي حنيفة وأصحابه ، أن قبول الهدية مكروه غير محرم . وفيما ذكرناه دلالة على التحريم .

التالي السابق


الخدمات العلمية