( 8816 ) فصل : وإن
اعترف المدعى عليه بقبض المائة ، على الوجه الذي ادعاه المكاتب ، وقال : قد دفعت إلى شريكي نصفها . فأنكر الشريك ، فالقول قوله مع يمينه ، وله مطالبة من شاء منهما بجميع حقه ، وللمرجوع عليه أن يحلفه . فإن رجع على الشريك ، فأخذ منه خمسين ، كان له ذلك ; لأنه اعترف بقبض المائة كلها ، ويعتق المكاتب ; لأنه وصل إلى كل واحد منهما قدر حقه من الكتابة ، ولا يرجع الشريك عليه بشيء ; لأنه يعترف له بأداء ما عليه ، وبراءته منه ، وإنما يزعم أن شريكه ظلمه ، فلا يرجع على غير ظالمه .
وإن رجع على العبد ، فله أن يأخذ منه الخمسين ; لأنه يزعم أنه ما قبض شيئا من كتابته ، وللعبد الرجوع على القابض بها ، سواء صدقه في دفعها إلى المنكر أو كذبه ; لأنه وإن دفعها فقد دفعها دفعا غير مبر ، فكان مفرطا . ويعتق العبد بأدائها ، فإن عجز عن أدائها فله أن يأخذها من القابض ، ثم يسلمها ، فإن تعذر ذلك ، فله تعجيزه ، واسترقاق نصفه ، ومشاركة القابض في الخمسين التي قبضها عوضا عن نصيبه ، ويقوم على الشريك القابض إن كان موسرا ، إلا أن يكون العبد يصدقه في دفع الخمسين إلى شريكه ، فلا يقوم ; لأنه يعترف أنه حر ، وأن هذا ظلمه باسترقاق نصفه الحر . وإن أمكن الرجوع على القابض بالخمسين ، ودفعها إلى المنكر ، فامتنع من ذلك ، فهل يملك المنكر تعجيزه واسترقاق نصفه ؟ على وجهين ; بناء على القول في تعجيز العبد نفسه مع القدرة على الأداء ، إن قلنا : له ذلك . فللمنكر استرقاقه .
وإن قلنا : ليس له ذلك . فليس للمنكر استرقاقه ; لأنه قادر على الأداء فإن قيل : فلم لا
[ ص: 396 ] يرجع المنكر على القابض بنصف ما قبضه ، إذا استرق نصف العبد ؟ قلنا : لأنه لو رجع عليه بها كان قابضا جميع حقه من مال الكتابة ، فيعتق المكاتب بذلك ، إلا أن يتعذر قبضها في نجومها فتفسخ الكتابة ، ثم يطالب بها بعد ذلك ، فيكون له الرجوع بنصفها ، كما لو كانت غائبة في بلد آخر ، وتعذر تسليمها حتى فسخت الكتابة . والله أعلم .