وفي العصر الحديث:
ثم تراخت الليالي، وانقضت أيام وأيام، وذهب عرب القرون الوسطى وطلع العصر الحديث على عرب آخرين! إنها خلوف يتفرس المرء فيه فتغمر قلبه كآبة ثقيلة.. [ ص: 80 ]
وموقف أولئك العرب يحتاج إلى استبانة وتفصيل، وإن كانت الهزائم المادية والمعنوية تغزو كل أفق وتكسوه بالقار.
هناك حديث مسموع بالمجالس، ولغط يعم الميادين الثقافية والاجتماعية أن تنفك عن الإسلام، وأنه بعد هـذا الفصل تكون الصدارة لها لا له...!!
إنه - إن صح له بقاء - سوف يكون تابعا يتحرك بقدر، ووفق ما يصدر له من أمر.!
وقد ولدت فكرة القومية العربية ، وشتى النزعات التي تشبهها لتضع جماهير المسلمين داخل هـذا الإطار، فالولاء للجنس لا الدين، وللوطن لا للعقيدة! والحرب الخفية والجلية لا بد أن تدور رحاها ليلا ونهارا لتطحن كل ما يعترض هـذه الغاية الفاجرة.
وعلى القادة العرب أن يتأسوا بالقائد التركي المرتد ((مصطفى كمال)) فإما بلغوا مرادهم طفرة، أو على مهل! المهم أن يصلوا يوما إلى جعل الأمة العربية علمانية مبتورة العلاقة برسالتها وتراثها..
وقد اصطدمت حركة الارتداد تلك بمقاومة صلبة، ولكن الغزاة وعملاءهم يركبون الصعب والذلول لإدراك مأربهم، وكلما ظنوا أنهم قاربوا النصر هـبت عليهم موجة من أمواج الإيمان المكافح فلت حدهم وخيبت أملهم، ويستأنف المرتدون نشاطهم، ويعاودون الكرة، ويأبى سواد الأمة الاستسلام ويستميت في حماية ما بقي له من إيمان، ولا يزال العراك ناشبا بين الفريقين، ولا يزال أمل المؤمنين قويا أن يخرجوا من هـذه الساحة الدامية والإسلام بخير!! [ ص: 81 ]
التالي
السابق