ليس من الدعاة..
وعلى أية حال فلا أستطيع أن أعد في الدعاة رجلا قليل البضاعة في التاريخ السياسي للإسلام، أو التاريخ التشريعي له، أو رجلا لا يدري إلا النزر اليسير عن خصائص الفكر الإسلامي، لأن وعيه غامض في القرآن الكريم، كل ما يعرفه بضعة أحاديث إن صح سندها، فهو لا يدري كيف يضعها مواضعها.
لا نستطيع أن ننظم في سلك الدعاة امرءا لا يعرف عن العالم المعاصر شيئا، ولا عن الفلسفات التي تحكمه، ولا أسرار رجحان الإسلام عليها..
لا نستطيع أن نعد من الدعاة امرءا يريد نشر الإسلام في الغرب بنقل تقاليد وعادات يظن أنها من الإسلام، وهي في حقيقتها ليست من الإسلام، وقد تكون منفرة للقوم هـناك.. كأن يسلب المرأة حقوقها التي أقرها الإسلام تحت وطأة عادات اجتماعية في بيئة معينة..
ولا يعني ذلك أبدا إقرار المجون الفاضح والاختلاط الفاحش الشائع هـناك.. فالإسلام شيء غير العادات المستقرة هـنا أو هـنا، وله أحكامه التي يقررها العلماء لا الدهماء.. [ ص: 83 ]
إن هـناك علماء دين لا يعرفون شيئا عن حقوق الإنسان، لا يعرفون شيئا عن الدساتير التي أرست العلاقات بين الدولة والشعب، لا يعرفون شيئا عن الطور الذي بلغته العلاقات بين الدول... والأنكى أنهم لا يعرفون وضع مجموعة الدول الإسلامية بين غيرها من المجموعات ولا يحسون ما يبيت لدينهم بليل، ولا ما يرسم لتحديد مستقبلهم الثقافي والاجتماعي.
ويتبع هـذا القصور العقلي أن القضايا التي تستولي على الاهتمام، وتقع عليها المفاصلة تكون من النوع الهامشي أو الخيالي أو التاريخي البالي..
التالي
السابق